مشهد الأعلام الروسية ترفرف فوق المباني الرسمية والقواعد العسكرية الأوكرانية في شبه جزيرة القرم يثير نشوة الروس وغضب الأوكرانيين وقلق المجتمع الدولي ، ويطرح أكثر من سؤال حول نوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأهدافه وما إذا كان الأمر سيتوقف عند حدود القرم أم سينسحب على مناطق أوكرانية أخرى ، أو حتى على دول كانت في الأمس القريب إما تابعة للاتحاد السوفياتي كأوكرانيا وبيلاروسيا أو تدور في فلكه كبولونيا وهنغاريا وتشيكوسلوفاكيا في أوروبا الشرقية . ولكن أيضا حول واقع العلاقات الدولية ومستقبلها بين روسيا ودول الغرب وما إذا كنا عدنا إلى الحرب الباردة سيما وأن بوتين يضرب بعرض الحائط موقف المجتمع الدولي .
يتساءل الصحافي في هيئة الإذاعة الكندية فرانسوا بروسو :
هل نحن حاليا في أجواء حرب باردة جديدة بين روسيا والغرب ؟ الجواب السهل هو نعم ولا لكن الجواب الأصح إذا ما أخذنا التعبير بحرفيته ، هو لا فالاتحاد السوفياتي لم يعد موجودا وروسيا الحالية لا تمتلك القوة الهائلة التي كانت تمتلكها في ظل الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية سقطت . لكن قراءة معمقة لخطاب بوتين أمس تظهر أن روحية الحرب الباردة قد عادت بمعنى مواجهة متشددة تسمي العدو ، وهو الغرب ."
وثمة سؤال آخر يطرح نفسه : لماذا ؟ ما الذي يحرك بوتين ؟ هل هو طموح لاستعادة مجد سوفياتي روسي ضائع ، هو الذي قال يوما إن سقوط الاتحاد السوفياتي كان أكبر مأساة شهدها القرن العشرون ؟
يجيب الصحافي الكندي فرانسوا بروسو :
" لدى بوتين حقد متراكم إزاء ذكريات التسعينيات القاسية وحالة التفكك التي أصابت الاتحاد السوفياتي والفترة التي تلته برئاسة يلتسين السكير الذي كان ينفذ بلا اعتراض مطالب الغرب ".
ويختم فرانسوا بروسو تحليله بالقول :
" إن بوتين تحركه رغبة جامحة بالانتقام من سنوات التسعينيات القاسية حيث تعامل الغرب مع روسيا بفوقية واضحة وتعهد بعدم ضم دول البلطيق ودول أوروبا الشرقية إلى الحلف الأطلسي وأخل بوعوده ، وكذلك تدخل الغرب في كوسوفو . وهذا الحقد نابع من أحداث واقعية ".
يبقى أنه مع ذلك لسنا في حرب باردة جديدة سيما وأن علاقات الغرب الاقتصادية وبخاصة أوروبا مع روسيا توسعت وازدهرت خلافا لما كانت عليه خلال حكم السوفييت ، ومن الصعب بالتالي على أوروبا أن تقطع شعرة معاوية مع شريكها الاقتصادي .استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.