"لماذا لا ننظر في دور السعوديّة في هجمات سان برناردينو" يتساءل نيل ماكدونالد الصحافي في تلفزيون هيئة الاذاعة الكنديّة سي بي سي.
فبعد سنوات على هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر، قال مسؤولون وسياسيّون أميركيّون إنّ منفّذي الهجمات دخلوا إلى الولايات المتّحدة من كندا.
وقراءة بين السطور تفيد أنّ سبب هذه التصريحات قد يعود لعدم مشاركة كندا في حرب العراق وأنّها تُعتبر "رخوة" إزاء الارهاب.
وكانت تلك كذبة كبيرة ومريحة في آن: فقد تركت صداها في الأوساط المعارِضة للهجرة وصرفت الانظار عن حقيقة مزعجة وهي أنّ 15 من أصل 19 إرهابيّا كانوا مواطنين من دولة حليفة تموّل الإرهاب، هي العربيّة السعوديّة.
وقد دخلوا جميعا الولايات المتّحدة بطريقة شرعيّة وبتأشيرات اميركيّة، وكان البعض منهم يحظى بدعم مالي من مسؤولين قنصليّين سعوديّين يقول الصحافي في سي بي سي نيل ماكدونالد.
والبيت الأبيض يتستّر على الجزء الأخير من هذه المعلومة، رغم أنّها وردت في تقرير الكونغرس الأميركي حول الهجمات الإرهابيّة.
وربّما لأنّها قد تحرج الحكومة السعوديّة التي يجب أن تبقى محميّة من حقيقة محرجة وهي أنّ أفرادا وجمعيّات خيريّة ورجال دين زرعوا التطرّف وموّلوه حول العالم.
وينقل نيل ماكدونالد ما ورد في مذكّرة لوزيرة الخارجيّة الأميركيّة السابقة هيلاري كلينتون عام 2009 من "أنّ الجهات المانحة في السعوديّة تشكّل أهمّ مصدر تمويل للجماعات الإرهابيّة السنيّة حول العالم".
والرئيس بوش تعهّد بعد هجمات ايلول سبتمبر بشنّ حرب على الارهاب لكنّه تجنّب ذكر جنسيّات الخاطفين.
ولم يُشر إلاّ مرّة واحدة للسعودية ليبدي تعاطفه معها لأنّها ابتلت كالولايات المتّحدة بالإرهاب.
وكذلك فعل الرئيس اوباما عندما سعى لتهدئة مخاوف الأميركيّين بعد مجزرة سان برناردينو الأسبوع الماضي.
فقد تعهّد بإحكام القبضة العسكريّة الأميركيّة في سوريّا والعراق واستخدم كلمة مسلم اثنتي عشرة مرّة.
حتّى أنّه أكّد أنّ الفكر المتطرّف مشكلة يتعيّن على المسلمين مواجهتها.
وشرح الرئيس اوباما كيف سار منفّذا هجوم سان برناردينو في درب التشدّد المظلم، دون أن يشير إلى المملكة المتعصّبة التي قضت تاشفين مالك معظم حياتها فيها، وحيث وجدت الطريق المظلم يقول الصحافي في سي بي سي نيل ماكدونالد.
وعلى غرار أسلافه، واصل الرئيس اوباما التزلّف لملوك السعوديّة مشيدا بحكمتهم وجهودهم لمنع التشدّد من الانتشار في الشرق الأوسط.
هذا في وقت السعوديّون مهتمّون بمواجهة المعارضة. والسعوديّة ساهمت في الجهود الرامية إلى خنق الربيع العربي.
وقوّاتها ساعدت في قمع احتجاجات الشيعة في البحرين قبل سنوات، وهي تدير حاليّا حربا قذرة في اليمن.
كما تواجه انتقادات من الداخل بسبب ملاحقة المنشقّين والمرتدّين وتعذيبهم وقتلهم.
كما أنّها تلحق عقوبات من العصور الوسطى على المخالفات الأخلاقيّة، خصوصا بحقّ أشخاص غير سعوديّين.

ويتابع الصحافي في سي بي سي نيل ماكونالد فيشير إلى قضيّة السريلانكيّة المدانة بالزنا ويضيف أن نحوا من 9 ملايين عامل أجنبي يعملون في السعوديّة ويُعامَلون أحيانا كالعبيد وتُحتجَز جوازات سفرهم.
وينقل نيل ماكدونالد ما ورد في تقرير منظّمة هيومن رايتس واتش بشأن عمّال المنازل ومعظمهم من النساء، وكيف يتعرّضون للحبس القسري ولا تُدفع أجورهم ويُحرمون من الطعام ويتعرّضون للاعتداء الجنسي دون أن تحاسِب السلطات مستخدميهم.
ومعاملة المرأة السعوديّة أفضل من معاملة النساء الأجنبيّات، ولكنّها ما تزال مظلومة وتُعامَل وكأنّها من ممتلكات الرجال.
وطريقة التعامل هذه أشبه بطريقة تعامل تنظيم "الدولة الاسلاميّة" الذي اتُّهمت السعوديّة بتمويله وتسليحه قبل أن تصبح حليفا قويّا للولايات المتّحدة في قصفها له.
والسعوديّون هدّدوا بمقاضاة أيّ شخص يقيم مقارنة مع التنظيم ولكنّ ذلك غير معقول يقول الصحافي نيل ماكدونالد.
والفرق الرئيسي هو أنّ السعوديّين متشدّدون تمكّنوا من إنشاء دولة معترف بها. ومملكتهم لا تدّعي إقامة خلافة جديدة.
وبات من الكليشيهات القول إنّ الأمر يتعلّق بالنفط ورغبة السعوديّة في بيعه للغرب بكميّات كبيرة وأسعار متدنّية.
لأنّ الأمر يتعلّق بالنفط، وبإرادة السعوديّة في إنفاق مليارات الدولارات من عائداته في الغرب، وفي عقود لمعدّات عسكريّة توقّعها حكوماتنا بارتياح.
ولمن يحاول أن يعتقد غير ذلك، إليكم هذا التمرين الذهني يقول الصحافي في سي بي سي نيل ماكدونالد: تصوّروا لو أنّ كوبا او روسيّا او فنزويلا (او حتّى كندا) كانت الدولة التي جاء منها خمسة عشر من أصل تسعة عشر إرهابيّا نفّذوا هجمات الحادي عشر من أيلول سبتمبر، وظلّت رياديّة في تصدير العقيدة القاتلة والمتشدّدين على غرار تاشفين مالك.
(راديو كندا الدولي / سي بي سي)
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.