اليمن غارق تحت وطأة أزمته وفي حربه الأهليّة التي تدور بين الحوثيّين وبين القوّات الموالية للرئيس اليمني عبد ربّه منصور هادي.
والحرب التي دخلت عامها الثاني تسبّبت بأزمة إنسانيّة حادّة في اليمن الذي يُعدّ من أفقر دول العالم والذي تعيش شريحة واسعة من أبنائه تحت خطّ الفقر.
وقد حذّر تقرير صدر مؤخّرا عن منظّمة اليونيسيف من الانتهاكات التي تلحق بصورة خاصّة بأطفال اليمن من قبل جميع أطراف النزاع و من ارتفاع عدد الأطفال المجنّدين فضلا عن تضاعف عدد الهجمات التي تستهدف المدارس والمستشفيات.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة ذي غلوب اند ميل مقالا تحت عنوان "الحرب التي يتجاهلها العالم" بقلم الكاتب وأستاذ الصحافة في جامعة رايرسون الكندي اليمني الدكتور كمال السلايلي.
وكانت أطراف النزاع في اليمن قد توصّلت قبل يومين إلى اتّفاق هدنة في ما بينها في موازاة الجهود الدوليّة المبذولة لإنهاء الصراع في هذا البلد.
للمزيد حول الأوضاع في اليمن اجريت مقابلة مع الدكتور السلايلي وسألته في البداية عن الآمال التي يحييها وقف النار فأشار إلى أّنه لا يُفرط في التفاؤل بشأن الهدنة خصوصا أنّ محاولات سابقة لوقف النار قد فشلت وأضاف:
أنا قلق من حالة الدمار الفظيع التي تمرّ بها البلاد منذ سنوات ولأنّ إعادة الاعمار لا تتطلّب سنوات عديدة فحسب بل أيضا التزاما ماليّا ومساعدات من قبل المجتمع الدولي.
وتابع الدكتور كمال السلايلي قائلا إنّ اليمن واحد من بين أفقر الدول العربيّة ومن أفقر البلدان في العالم.
والبنى التحتيّة شبه معدومة وتعاني العاصمة صنعاء على سبيل المثال من انقطاع التيّار الكهربائي والمياه منذ بضعة أشهر.
والأزمة الانسانيّة تتفاقم يوما بعد يوم يقول الدكتور كمال السلايلي ويتابع بالقول:
هذه دولة عربيّة ومسلمة يموت فيها آلاف الأطفال من الجوع. و أنا لا أتساءل شخصيّا كيف ينظر العالم بل كيف يمكن أن تحوّل الدول العربيّة أنظارها عن هؤلاء الأطفال الذين يموتون من الجوع.
وكيف يمكن أن نبرّر موت الأطفال من الجوع في العام 2016 في هذا البلد المجاور لدول الخليج الغنيّة وصاحبة النفوذ، من السعوديّة إلى الكويت مرورا بدولة الامارات.

ويتابع استاذ الصحافة في جامعة رايرسون كمال السلايلي فيقول إنّ ما من دولة باستثناء ايران تجرؤ على إطلاق حرب علاقات عامّة ضدّ السعوديّة التي تتمتّع بنفوذ كبير في المنطقة بفضل ثروتها النفطيّة ومكانتها في التأثير في صناعة القرارات ويضيف:
هذه مشكلة ولهذا السبب يهمل زعماء العالم الحرب تلك و لا يرغب أيّ منهم في مواجهة السعوديّة التي تقود التحالف في حرب اليمن.
والحرب هي في الواقع حرب أهليّة تدور بين طرفين يمنيّين، ولكنّ ثمّة تأثيرا للموقف السعودي الداعم للقوّات الموالية للحكومة وموقف ايران الداعم للحوثيّين.
وقد اختار زعماء العالم بمن فيهم الزعماء العرب الذين يستفيدون من أموال النفط السعودي أن يغضّوا الطرف عن محنة الشعب اليمني الذي هو اليوم من أكبر الأضرار الجانبيّة في العالم يقول كمال السلايلي ويضيف قائلا:
تدور هذه الحرب منذ سنة ، منذ السادس والعشرين من آذار مارس الماضي، و بات 80 بالمئة من اليمنيّين بحاجة للمساعدات الانسانيّة.
وتسبّبت الحرب في نزوح ما يزيد على مليوني شخص كما أدّت إلى آلاف حالات انعدام الأمن الغذائي.
والوضع الراهن في اليمن يذكّرنا بما جرى في سوريّا وأفغانستان.
غير أنّ قُرب هاتين الدولتين من السواحل الأوروبيّة والنزوح الجماعي لشعبيهما كانا من العوامل التي ذكّرت قادة العالم بحجم المعاناة البشريّة وبطبيعة الحدود الاوروبيّة السهلة الاختراق.
ولسوء حظّ اليمن، فموقعه الجغرافي و بُعدُه عن الأنظار جعله يغرق في الحرب للمرّة الثانية في غضون 20 عاما كما قال الدكتور السلايلي وتابع قائلا:
لو بدأ اليمنيّون بالنزوح عن اليمن بآلاف المئات كما فعل السوريّون لكان العالم قد تنبّه لمحنتهم.
ولكنّهم محاصرون في اليمن ولا مجال للخروج عبر البرّ شمالا إلاّ من الحدود السعوديّة. والمؤكّد أنّ السعوديّة لن تسمح لهم بالعبور.
وليس هنالك ما يقلق الاتّحاد الاوروبي من موجة نزوح من اليمن نحو دوله.

وفي حال لم يصمد وقف النار الذي يدخل حيّز التطبيق اعتبارا من هذا الأسبوع، فإن البلاد تدخل في المجهول يقول الدكتور كمال السلايلي.
وعن رأيه في موقف اوتاوا من الصراع الدائر في اليمن يقول الدكتور كمال السلايلي إنّه كان يأمل خيرا مع وصول الحكومة الليبراليّة برئاسة جوستان ترودو إلى السلطة، نظرا لدور كندا التقليدي في دعم السلام ويضيف:
لقد أُصبت بخيبة أمل عندما قرّرَت الحكومة المضيّ في الاتّفاق الموقّع مع السعوديّة لبيعها آليّات مصفّحة. ولا نعرف إن كانت السعوديّة بالفعل سوف تستخدم هذه الآليّات ضدّ المواطنين اليمنيّين.
ولكنّ هذا تسليح لدولة ملتزمة في حرب يموت فيها مواطنون يمنيّون يقول الدكتور كمال السلايلي.
ويختم أستاذ الصحافة في جامعة رايرسون والكاتب الكندي اليمني كمال السلايلي حديثه للقسم العربي معربا عن أمله في ألاّ تكون كندا جزءا من هذا الصمت اللاإنساني الذي يرافق المأساة المستمرّة في اليمن.
استمعوا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.