تظاهرة في ألبرتا ضد ما يعتبره الكثيرون فيها عجزَ الحكومة الفدرالية عن دعم قطاع الطاقة في المقاطعة بمد أنابيب جديدة لتصدير النفط. ورُفعت في التظاهرة شعارات تطالب بـ"الحرية" لألبرتا وترى أن الوقت ملائم للـ"انفصال" عن الاتحادية الكندية (Radio-Canada)

حركةٌ استقلالية وازنة في ألبرتا أم تزايدٌ في الشعور بالإحباط والاغتراب؟

تعكس تصريحات السياسيين في ألبرتا في الآونة الأخيرة شعوراً بالإحباط والاغتراب. فأغنى مقاطعات كندا بالنفط أُصيبت بأزمة اقتصادية مع تدهور أسعار الذهب الأسود عام 2014، ويسودها شعور على نطاق واسع بأنها مهملة من قبل الحكومة الفدرالية وأن هذه الأخيرة تدلل غيرها من المقاطعات.

فإعلان الحكومة الفدرالية مؤخراً عن حصول مقاطعة كيبيك على 13,1 مليار دولار من أصل مبلغ إجمالي قدره 20 مليار دولار ستحوّله في السنة المالية المقبلة إلى المقاطعات الأقل غنىً في إطار برنامج "مدفوعات المساواة" (equalization payments)، الذي تزامن مع وصف رئيس حكومة كيبيك فرانسوا لوغو النفط المستخرج من رمال ألبرتا الزفتية بـ"الطاقة القذرة" وقوله إن "ما من مقبولية اجتماعية للنفط في كيبيك"، لتبرير رفضه مشروع أنبوب لنقل نفط ألبرتا وجارتها الشرقية ساسكاتشيوان إلى مرفأ سانت جون في شرق كندا بعد اجتيازه مقاطعات مانيتوبا وأونتاريو وكيبيك تباعاً، أثارت كلها استياءً واسعاً لدى الحكومة والمعارضة في ألبرتا وساهمت في تعزيز مشاعر الإحباط والاغتراب، ما أدى إلى ارتفاع أصوات في المقاطعة تنادي بالاستقلال عن كندا، لاسيما في مقالات صحفية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

رئيسة حكومة مقاطعة ألبرتا راتشيل نوتلي / Radio-Canada

"نعم، نحن غاضبون جداً. فألبرتا ترسل المال إلى الشرق منذ سنوات، ونحن من يحتاج الآن للمساعدة، لكن المساعدة لا تأتي، لذا نشعر بإحباط كبير"، يقول لراديو كندا أحد سكان ألبرتا، رينيه بومييه، وهو موظف متقاعد عمِل في قطاع النفط.

ويقصد بومييه بكلامه أن ألبرتا ترسل الضرائب إلى الحكومة الفدرالية في أوتاوا، لكنها لا تستفيد من برنامج "مدفوعات المساواة"، فيما تستفيد منه مقاطعات أقلّ غنىً تقع إجمالاً في النصف الشرقي من كندا وفي طليعتها كيبيك من حيث المبلغ الإجمالي الذي تتلقاه، مع الإشارة هنا إلى أن أونتاريو لن تستفيد هي الأخرى من هذا البرنامج في السنة المالية المقبلة، 2019 – 2020.

ويرى بومييه أنه قد يكون الوقتُ قد حان للتفكير بالاستقلال عن كندا. "لا يستمعون إلينا في الشرق، ولدينا قواسم مشتركة أكثر مع الولايات المتحدة في الجنوب"، يؤكد بومييه.

ولطالما اشتكت ألبرتا من سيطرة أكبر مقاطعتيْن في كندا من حيث عدد السكان وحجم الاقتصاد، أونتاريو وكيبيك على التوالي الواقعتيْن إلى "الشرق"، على القرار السياسي الفدرالي في أوتاوا. فمن هاتيْن المقاطعتيْن جاءت الغالبية الساحقة من رؤساء الحكومات في كندا، ومن بينهم رئيس الحكومة الحالية جوستان ترودو، الكيبيكي، ووالده الراحل بيار إليوت ترودو، الذي ظل في السلطة أكثر من خمسَ عشرةَ سنة امتدت بشكل شبه متواصل بين عاميْ 1968 و1984.

وإطلاق ترودو الأب البرنامج الوطني للطاقة عام 1980 عزّز في ألبرتا الشعور بالإحباط والدعم لفكرة الانفصال عن كندا، إذ نظرت إليه المقاطعة كمحاولة من قبل الحكومة الفدرالية للإشراف بشكل كامل على ثرواتها الطبيعية، وفي طليعتها النفط.

منشآت لاستخراج النفط من الرمال الزفتية قرب فورت ماك موراي في شمال مقاطعة ألبرتا في غرب كندا (أرشيف) / Jeff McIntosh / CP

لكن الشعور بالإحباط والاغتراب تلاشى في ألبرتا مع وصول حزب المحافظين بقيادة ستيفن هاربر إلى السلطة في أوتاوا عام 2006 وبقائه فيها زهاء عشر سنوات. ويُعتبر هاربر ابن ألبرتا، وإن كان مولوداً في تورونتو لأبٍ من مونكتون في الشرق الكندي. فهو كان نائباً عن ألبرتا في مجلس العموم الكندي أكثر من 17 سنة لحين انسحابه من الحياة السياسية في آب (أغسطس) 2016.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في الحرم الجامعي سان جان التابع لجامعة ألبرتا في إدمونتون البروفيسور فريديريك بوالي إنه يصعب الكلام عن وجود حركةٍ انفصالية في ألبرتا حالياً، لكنه يرى "برهةً انفصالية" تذكره بغضب ألبرتا في ثمانينيات القرن الفائت بسبب البرنامج الوطني للطاقة.

وتجدر الإشارة إلى أن فكرة الاستقلال عن كندا لا تحظى بتأييد أي من الأحزاب الرئيسية في ألبرتا.

"أعتقد أن هذا الأمر لن يدومَ (في ألبرتا)، لأن الوضع قد يتحسن من ناحية أنابيب النفط ومن ناحية المالية العامة في المقاطعة إذا ما تلاشى الفارق بين سعر نفطها وسعر النفط في الأسواق العالمية، وأيضاً لأن المقاطعة على موعد مع انتخابات عامة الربيع المقبل"، يضيف البروفيسور بوالي.

أستاذ العلوم السياسية في الحرم الجامعي سان جان التابع لجامعة ألبرتا في إدمونتون البروفيسور فريديريك بوالي (Radio-Canada)

ونظرة على أسعار النفط تفيد أن سعر برميل نفط غرب تكساس الوسيط (West Texas Intermediate) المرجعي الأميركي تجاوز عتبة الـ100 دولار أميركي في عاميْ 2013 و2014، لينهي عام 2014 فاقداً نصف سعره مقارنةً بالسقف الذي كان قد بلغه، ويواصل بعد ذلك تراجعه إلى ما دون الـ28 دولاراً أميركياً في شباط (فبراير) 2016، قبل أن يعاود الارتفاع.

أما سعر نفط غرب كندا (Western Canada Select) المستخرج في ألبرتا فهو أدنى من سعر النفط في الأسواق العالمية لاسيما بسبب مشكلات النقل الذي تواجهه، واقترب هذا الفارق مؤخراً من نحوٍ من 50 دولاراً أميركياً للبرميل قبل أن يتقلص مع إعلان حكومة ألبرتا قبل أسبوعين ونيف خفض الإنتاج.

(راديو كندا / راديو كندا الدولي)

استمعوا
فئة:اقتصاد، سياسة
كلمات مفتاحية:، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.