هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تركيا اليوم بتدمير اقتصادها إذا ما قامت بعملية عسكرية يعتبرها هو "خارج حدود المسموح به" في شمال شرق سوريا.
"كما أكّدتُ بقوة سابقاً، وللتذكير فقط، إذا فعلت تركيا أي شيء أعتبره، بحكمتي العظيمة والتي لا تضاهى، تجاوزاً للحدود، سأدمر وأسحق اقتصادها بالكامل (وقد فعلتُ ذلك سابقاً)"، قال ترامب في تغريدة على موقع "تويتر".
وكان ترامب قد قال الليلة الماضية في سلسلة تغريدات إن الوقت قد حان لتخرج الولايات المتحدة من سوريا حيث كان من المفترض أن تكون مدةُ مهمة القوات الأميركية "30 يوماً" فقط وليس عدة سنوات، مضيفاً أن بلاده ستقاتل "حين يكون ذلك في مصلحتها".
وفُسّر كلام ترامب بأنه ضوء أخضر لعملية عسكرية تركية في شمال سوريا إلى الشرق من الفرات حيث السيطرة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من واشنطن.
وهذه القوات، التي تشكّل "وحدات حماية الشعب" (YPG) الكردية عمودها الفقري، قامت بالدور الأكبر على الأرض في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" ("داعش") التكفيري في وسط سوريا وشمال شرقها مدعومةً من طيران التحالف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، أي بصورة رئيسية من سلاح الجو الأميركي.
وقال البيت الابيض في بيان مساء أمس إن "القوات المسلحة الأميركية لن تدعم أو تشارك في العملية، ولن تبقى في المنطقة بعد أن هزمت خلافة (تنظيم) الدولة الإسلامية"، وأضاف أن "تركيا ستكون الآن مسؤولة عن جميع مقاتلي تنظيم ’’الدولة الإسلامية‘‘ في المنطقة الذين ألقي القبض عليهم في السنتيْن الماضيتيْن".

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (مراد سيزر / رويترز)
وأعلنت أنقرة الليلة الماضية أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتّفق خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الأميركي على أن يلتقيا في واشنطن الشهر المقبل للتباحث بشأن "المنطقة الآمنة" في شمال سوريا.
وجاء هذا الاتصال غداة تجديد أردوغان تهديداتِه بشنّ عملية عسكرية "جويّة وبريّة" في سوريا ضدّ "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تعتبرها أنقرة تنظيماً "إرهابياً".
واتهمت "قوات سوريا الديمقراطية" الولايات المتحدة بخيانتها، وقال المتحدث باسمها كينو جبريل إن "التصريح (الأميركي) الذي صدر اليوم كان مفاجئاً ويمكننا القول إنه طعن بالظهر لقوات سوريا الديمقراطية".
لكنّ وكالة الصحافة الفرنسية نقلت اليوم عن مسؤول أميركي قوله إن بلاده لا تقوم سوى بسحب "عدد صغير جداً" من جنودها المنتشرين في شمال شرق سوريا قرب الحدود التركية، وإن العدد الإجمالي للجنود المنسحبين سيكون دون الـ25.
ويأتي هذا التصريح بعد أن قال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية لقناة "الحرة" الأميركية إن وزارته تلقت "أوامر من الإدارة الأميركية بالانسحاب الكامل من سوريا وفقاً لجدول زمني قصير".

مقاتلات من "وحدات حماية الشعب" الكردية (YPG)، المدعومة من واشنطن والتي تصفها أنقرة بـ"الإرهابية"، يشاركن في استعراض عسكري أُقيم في 28 آذار (مارس) الفائت في مدينة القامشلي، في شمال شرق سوريا على الحدود مع تركيا، احتفالاً بالنصر على تنظيم "الدولة الإسلامية" ("داعش") المسلح (الصورة لرودي سعيد / رويترز)
وقوبل ما فُسّر من تصريحات ترامب بأنه ضوءٌ أخضر منه لعملية عسكرية تركية واسعة ضد القوات الكردية بانتقادات شديدة في الولايات المتحدة، من قبل شخصيات ديمقراطية وجمهورية على السواء.
وفي هذا الإطار دعا السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الرئيس الأميركي إلى "العودة عن قراره"، معتبراً أنه "ينطوي على كارثة" وأن "التخلي عن الأكراد سيكون وصمة عار على شرف الولايات المتحدة". وغراهام مقرّب جداً من ترامب.
يُذكر أن الرئيس الأميركي أعلن في كانون الأول (ديسمبر) 2018 عن سحب كافة القوات الأميركية من سوريا، قبل أن يقبل تحت ضغوطٍ دولية ومن مستشاريه بالإبقاء على قسم من الجنود الأميركيين هناك.
هل أعطى دونالد ترامب الضوء الأخضر لعملية عسكرية تركية ضد القوات الكردية المتحالفة معه في شمال سوريا؟ أم أن ما أعطاه هو في النهاية ضوءٌ أصفر؟ وما هي خيارات الأكراد الذين تشعرهم تصريحات ترامب الأخيرة، أسوةً بتصريحاته السابقة بشأن الانسحاب الكامل من شمال سوريا، بأن الإدارة الأميركية تطعنهم في الظهر؟ محاور تناولتُها مع رئيس "المنتدى الديمقراطي السوري الكندي" والمدير العام لـ"منظمة مسار من أجل الديمقراطية والحداثة" في مونتريال، المدوّن الكندي السوري الأستاذ عماد الظواهرة، في حديث أجريتُه معه اليوم.
(أ ف ب / رويترز / الحرة / سي أن أن / الجزيرة / راديو كندا الدولي)
رابط ذو صلة:
ما أسباب التصعيد الكلامي بين واشنطن وأنقرة وأبعاده؟ (مقابلة في 14 كانون الثاني / يناير 2019)
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.