ابن "التغريبة الفلسطينية" الأديب والشاعر الدكتور سميح مسعود في استديوهات راديو كندا الدولي/ بعدسة كوليت ضرغام

سميح مسعود يَسترجعُ أمجادَ العرب “على دروب الأندلس”

لا يكتب الدكتور سميح مسعود بل إنما يحدّث قارءه بحميمية ودهشة وتميّز وسلاسة في السرد البصري والتدويني في كتابه الأخير بعنوان: "على دروب الأندلس".

في الاقتصاد محرابه الأول كما في الأدب صومعته الثانية، ظلّ الوجع والمجد العربي يراود هواجس ابن "التغريبة الفلسطينية" الذي اتخذ من كندا مقّرا دائما له منذ العام 1992.

ولأن كان مولعا بمآثر العرب في الأندلس "منذ نعومة أظفاره"، أسس سميح مسعود في مونتريال "الصالون الثقافي الأندلسي" في بدايات الألفية الثالثة هو الذي كان طيلة عمره المديد وربما حتى "قبل أن يولد" مأخوذا بالحلم الأندلسي. وقد ساعده مردود الاقتصاد في حياته وهو مالي فحسب في تحقيق الحلم الأحلى والثابت والغير متغيّر وهو الكلمة والأدب.

في "على دروب الأندلس" يوّثق سميح مسعود الحضارة العربية في الأندلس ويقتفي أثرها وحضورها الدائم في المشهد الاسباني اليوم، وكأن بكتابه هذا يقطف ثمرة ذاك الحلم الأندلسي البعيد الذي طالما راوده طفلا يانعا.

في كتاب "على دروب الأندلس" الذي صنّف بأدب الرحلات القديم عند العرب والذي ارتبط ارتباط وثيقا بهم منذ فجر التاريخ، يُظهر سميح مسعود معينا أندلسيا حضاريا لا ينضب ويُثني على جهود الاسبانيين في الحفاظ على المآثر العربية والعناية بها وإقامة النصب التذكارية لمشاهير العلماء والأدباء والشعراء الاندلسيين للتذكير بإنجازاتهم العلمية والأدبية ومنحهم خلودا معنويا في ثنايا التاريخ، تستشرف منه الأجيال الصاعدة آفاقا لا متناهية من الدلالات.

كتاب "على دروب الأندلس" بغلافيه الأول والأخير الصادر عن دار "الآن ناشرون وموّزعون" في المملكة الأردنية الهاشمية

كتاب "على دروب الأندلس" بغلافيه الأول والأخير الصادر عن دار "الآن ناشرون وموّزعون" في المملكة الأردنية الهاشمية

طاف ضيفي على مدى شهر كامل في ست مدن اندلسية واقعة جغرافيا في اسبانيا اليوم وتنشّق الهواء العربي في تطوافه في غرناطة وقرطبة وملقا واشبيليا ورُندة وطليطلة بالإضافة إلى مدريد العاصمة. قلم وورقة هو كل زاده وزواده تاركا مكانا للصدفة الجميلة في كل ذلك التطواف. وهكذا دوّن سميح مسعود ووثّق كل تفصيل وكل توصيف لضالته التي ينشدها منذ الصغر الا وهي الأندلس العربية العظيمة المتراصة الصفوف والقوية معماريا واقتصاديا وحضاريا وثقافيا وسياسيا واجتماعيا.

سرد سميح مسعود التاريخ من بوابة الحاضر واستعاد أمجاد العرب في الأندلس مع المستعربين الاسبان  والطلبة الذين يدرسون الآداب الأندلسية ولم يوّفر كل مهتم بالأمجاد الغابرة للعرب في الأندلس.

"على دروب الأندلس" أشبه بنافذة نطّل من خلالها على تاريخ عريق وحضارة غنية ووجوه وأسماء لمعت في الآداب والفنون. نصادف في كتاب سميح مسعود ابن زيدون وولادة بنت المستكفي وابن رشد وعباس بن فرناس وابن حزم الأندلسي. هذا وتتداخل الحكايات في كتابه بين الماضي والحاضر ويعرّج عبر لوحة "غارنيكا" لبابلو بيكاسو على الحرب الأهلية الاسبانية ومن هذه الأخيرة إلى رواية عنها "لمن تقرع الأجراس" التي كتبها ارنست همنغواي ورواية أخرى عن مناضل فلسطيني قاتل مع الثوار الاسبان...

كانت مفاجأة ضيفي في نهاية الحوار أنه كان لقاءا مصوّرا ولكنّه أكد لي بأنه دوما يحّب أن يكون على طبيعته فحتى لو كان عرف مسبقا بأن هناك تصوير فهو لم يكن ليغيّر شيئا في مظهره الخارجي فالمهم هو الاستعداد الداخلي وذلك العقل الراجح والوعي الكامل لاين الثمانين حولا!/تصوير زبير جازي

كانت مفاجأة ضيفي في نهاية الحوار أنه كان لقاءا مصوّرا ولكنّه أكد لي بأنه دوما يحّب أن يكون على طبيعته فحتى لو كان عرف مسبقا بأن هناك تصوير فهو لم يكن ليغيّر شيئا في مظهره الخارجي فالمهم هو الاستعداد الداخلي وذلك العقل الراجح والوعي الكامل لاين الثمانين حولا!/تصوير زبير جازي

ولعّل أجمل وأوجز نقد لكتاب سميح مسعود "على دروب الأندلس" ما كتبه على الغلاف الأخير للكتاب المستشرق الاسباني خوسيه ميغيل بويرتا من جامعة غرناطة الذي خصص ثلاثة أيام لضيفه سميح مسعود في غرناطة، كتب بويرتا:

إنه كتاب فيه الكثير من التفاصيل، دقيق الوصف، شيّق الاسلوب، يروي الحقائق بطريقة ممتعة وشاملة تسترعي الأنظار وهو ضروري لكل من يهتم بالحضارة الأندلسية وبرؤية الاسبان المعاصرين للماضي العربي لبلادهم.

في استديوهاتنا اليوم كما ستلاحظون في المقابلة المصوّرة، سيسكب ضيفي سميح مسعود الدمع وسيعتصر قلبه وستملأ الغُصّة حنجرته فندخل معه جميعنا في هذه الحالة الوجدانية العاطفية، أمّا السبب في ذلك فأدعوكم إلى اكتشافه عبر الاستماع الشيّق إلى الحوار المصوّر الذي أجريته معه بعد ظهر اليوم في استديوهات القسم العربي في راديو كندا الدولي في مونتريال.

فئة:ثقافة وفنون
كلمات مفتاحية:، ، ، ، ، ، ، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.