فيما تعيد مقاطعة كيبيك فتح اقتصادها، بشكل تدريجي وببطء أكبر في منطقة مونتريال الكبرى، يطالب الكثير من المواطنين بإعادة توفير بعض الخدمات التي يعتبرونها أساسية، لا بل أساسية جداً بالنسبة لهم، والتي لا تزال متوقفة بسبب جائحة "كوفيد - 19".
هذه هي حال آلاف الأزواج الذين يعانون مشاكل في الخصوبة. فهم اضطروا لتجميد المساعي الهادفة للإنجاب بسبب الإجراءات التي اتخذتها السلطات للحدّ من انتشار الجائحة، ويطالبون حكومة فرانسوا لوغو بعدم التخلي عنهم وعدم التخلي أيضاً عن وعدها السابق بتغطية تكاليف عملية الإخصاب في المختبر (IVF - FIV).
وكانت دانييل ماكان، وزيرة الصحة في حكومة حزب التحالف من أجل مستقبل كيبيك ("كاك" CAQ) التي وصلت إلى السلطة في كيبيك في تشرين الأول (أكتوبر) 2018، قد وعدت في أيار (مايو) 2019 بالقيام بما يلزم من أجل إعادة تغطية تكاليف هذه العملية المُكلفة ابتداءً من عام 2020.
وكانت حكومة فيليب كويار الليبرالية السابقة قد أوقفت تغطية هذه التكاليف عام 2015، إلّا في بعض الحالات حيث كانت تغطيها حزئياً بواسطة خصم ضريبي، بعد خمس سنوات على إطلاق البرنامج من قبل حكومة جان شاريه الليبرالية.

وزيرة الصحة في حكومة مقاطعة كيبيك دانييل ماكان (Radio-Canada)
لدى أوجيني كليرمون وزوجها، وهما من سكان مقاطعة كيبيك، رغبةٌ شديدة بالإنجاب، لكنّ الجائحة أوقفت مساعيهما في مجال تلقي المساعدة الطبية على الإنجاب، مباشرةً قبل حلول موعد نقل الأجنة، كما يفيد تقرير لراديو كندا.
وكانت المسيرة التي اجتازها الزوجان، وصولاً إلى عتبة مرحلة نقل الأجنة، طويلة ومضنية، فكانت خيبتهما بالتالي عظيمة ومؤلمة جداً.
"شعرتُ أني ما كدتُ أصل إلى نهاية سباق الماراثون حتى قيل لي إنّه جرى نقل خط النهاية مسافة ميلٍ إضافي وأنه ينبغي لي الانتظار أكثر"، تقول كليرمون بمرارة.
فمع وصول الجائحة إلى مقاطعة كيبيك وسائر كندا أعلنت حكومة لوغو تعليق كافة أنشطة عيادات الخصوبة في المقاطعة. لكن مع الاستئناف التدريجي للخدمات المصنفة "غير أساسية" والتي كانت قد جُمّدت جراء الجائحة، تأمل كليرمون البالغة من العمر 37 عاماً أن تلتفت السلطات إلى مَن هنّ في وضعها.
وتشعر كليرمون بإجحاف بحقها، وبحق كيبيكيات أُخريات مثلها، إذ تعتبر أنّ عملية الإخصاب في المختبر هي خدمة أساسية وأنّ هناك حاجة مُلحّة للتحرّك في هذا الملفّ والسماح باستئناف عيادات الخصوبة العمل. وهي بالتالي لا تفهم عدم تطرق حكومة كيبيك والسلطات الصحية في المقاطعة إلى هذا الموضوع بعد.

أوجيني كليرمون وزوجها جيمي ينتظران بفارغ الصبر استئناف عيادات الخصوبة في مقاطعة كيبيك أنشطتها كي يعملا مجدداً على تحقيق حلمهما بإنجاب طفل (Fannie Bussières-McNicoll / Radio-Canada)
وتضيف كليرمون أنه عندما ترى الحكومةَ تدرس إمكانية السماح باستئناف "خدمات غير أساسية، من ضمنها المتاجر"، غير متاجر الأغذية التي لم تغلق أبوابها مطلقاً، "فمن المؤكّد أنّ الأمر يشكل لي مصدر إحباط إضافياً".
يُشار في هذا الصدد إلى أنّ المؤسسة الكندية للخصوبة وطبّ الذكورة (CFAS - SCFA)، التي أصدرت توصيات لاستئناف آمن لعلاجات الخصوبة، ترى هي أيضاً أنّه آن الأوان لحكومة كيبيك لأن تسمع لعيادات الخصوبة باستئناف العمل.
باسكال ديروزييه هو كبير علماء الأجنة في مركز المساعدة الطبية على الإنجاب في مستشفى سانت جوستين الجامعي (CHU Sainte-Justine) في مونتريال، أكبر مراكز الأمومة والطفولة في كندا، وهو يشرح أنّ الأنشطة في المركز توقفت بشكل كامل، كما حصل في غالبية عيادات الخصوبة في كندا.
وحدها خدمات الطوارئ، كتجميد بويضات النساء المقبلات على علاج كيميائي، ظلت سارية في المركز، أمّا العلاجات الأخرى فتوقفت حتى إشعار آخر، يقول ديروزييه. لكنّ المركز أعدّ خطة لاستئناف عمله وقدّمه لإدارة مستشفى سانت جوستين الجامعي ولوزارة الصحة في كيبيك.
"نحن تواقون لاستئناف أنشطتنا ومساعدة الأزواج في مشاريع الإنجاب. وضعنا خطة جيدة لهذه الغاية ونحن جاهزون لتنفيذها"، يقول ديروزييه.
ويقول ديروزييه إنّ الأزواج الذين كانوا يزورون عيادات الخصوبة متفهمون للوضع، لكنّهم ينتظرون بفارغ الصبر استئناف العلاج. ويضيف أنه يتلقى عدداً كبيراً من الاتصالات الهاتفية والكتابية لهذه الغاية من قبل أزواج معنيّين.

أندريان باريت وزوجها كاريل شامبيني تواقان جداً للإنجاب ويسعيان لذلك منذ ست سنوات، وكانا ينتظران بفارغ الصبر تقديم حكومة كيبيك مشروع قانون إعادة تغطية تكاليف الإخصاب في المختبر (Fannie Bussières-McNicoll / Radio-Canada)
أندريان باريت وزوجها كاريل شامبيني هما من الأزواج التواقين جداً للإنجاب، ويسعيان لذلك منذ ست سنوات، لكنّ الحظ لم يحالفهما بعد. وكانا ينتظران بفارغ الصبر تقديم حكومة كيبيك مشروع قانون إعادة تغطية تكاليف عملية الإخصاب في المختبر، لكنّ تعليق أعمال الجمعية الوطنية الكيبيكية (الجمعية التشريعية) عرقل مشروعهما وأصابهما بالإحباط.
أمّا من جهة حكومة لوغو فيؤكّد مكتب وزيرة الصحة أنّ الحكومة مستعدة للتحرّك في هذا الملف ما إن تسمح الظروف بذلك. وتضيف وزارة الصحة أنها لا تزال مصممة على إعادة تغطية تكاليف عملية الإخصاب في المختبر، وتذكّر بأنّ رئيس الحكومة تناول الموضوع وأكّد أنّ حكومته "ستفي بهذا الوعد".
(راديو كندا / وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا الدولي)
روابط ذات صلة:
"كوفيد - 19": تخفيف متفاوت للإجراءات المشدّدة بين المقاطعات الكنديّة
كندا: ارتفاع طفيف في عدد الولادات في مقاطعة كيبيك، لكنّه الأوّل منذ 2012
عدد سكان مقاطعة كيبيك يواصل الارتفاع لكن بوتيرة أخف من سائر كندا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.