مؤسسة خاصة في العاصمة الفدرالية أوتاوا أغلقت أبوابها في عزّ جائحة "كوفيد - 19" (Francis Ferland / CBC)

أسوأ فصل للاقتصاد الكندي منذ 2009 لكنّ نهوضاً متواضعاً هو في طور التكوين

عرف الاقتصاد الكندي في الربع الأول من العام الحالي أسوأ فصلٍ له منذ عام 2009، حسب بيانات صادرة اليوم عن وكالة الإحصاء الكندية. وقد تُظهر البيانات المقبلة أداءً أسوأ له في الأشهر والفصول اللاحقة.

فقد تراجع إجمالي الناتج المحلي في الربع الأول بنسبة 8,2% وفق معدل سنوي، مع تسجيله تراجعاً بنسبة 7,2% في آذار (مارس) في ظلّ الإجراءات الاحترازية التي فرضتها السلطات الفدرالية وسلطات المقاطعات والأقاليم للحدّ من انتشار جائحة "كوفيد - 19"، ومن ضمنها إغلاق المدارس والجامعات وإغلاقُ المؤسسات التي لا تقدّم خدمات أساسية وفرضُ قيود على السفر وإغلاقُ الحدود البرية بوجه الأفراد الذين لا يقومون برحلات ضرورية وفرضُ تدابير التباعد الاجتماعي.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت آراءَهم شركةُ "ريفينيتيف" (Refinitiv) للمعلومات المالية قد توقعوا تراجع إجمالي الناتج المحلي بمعدّل 9% في آذار (مارس) وبمعدل 10% على أساس سنوي في الربع الأول.

يُذكر أنّ وباء "كوفيد - 19" الذي صنّفته منظمة الصحة العالمية "جائحة عالمية" في 11 آذار (مارس) الفائت استفحل في كندا منتصف الشهر المذكور.

قطار تابع لشركة "كناديان ناشونال" (CN) ناقلاً بضائع في كندا (CBC)

لكن هناك أحداث سبقت وصول الجائحة إلى كندا وأثّرت بشكل سلبي على أداء الاقتصاد، وإن كان تأثيرها أدنى بأشواط من تأثير الجائحة، ومن أبرزها تراجعُ أسعار النفط، وكندا رابع أكبر مصدّر عالمي له، وإضرابُ المعلمين في أونتاريو، كبرى مقاطعات كندا من حيث عدد السكان وحجم الاقتصاد، وتعطيلُ حركة السكك الحديدية في مناطق عديدة من البلاد من قبل ناشطين متعاطفين مع الزعماء الوراثيين من أمّة وتسُويتن (Wet’suwet’en) من السكان الأصليين في مقاطعة بريتيش كولومبيا المعترضين على مدّ أنبوب "كوستال غاز لينك" (Coastal GasLink) لنقل الغاز الطبيعي المُسال في أراضيهم التقليدية.

وتقول وكالة الإحصاء إنّ الإنفاق الأُسَري، الذي يُعتبر العمود الفقري للاقتصاد الكندي، تراجع بـ2,3% في الربع الأول من 2020، مسجلاً أكبر تراجع له على الإطلاق منذ أن بدأت تتوفّر بيانات قابلة للمقارنة. وهذا التراجع كان واسعاً، فشمل السلع والخدمات.

فقد تراجعت المشتريات من السيارات الجديدة بـ8,8% ومن السيارات المستعملة بـ10,1%. وهذا عائد إلى عدم اطمئنان المستهلكين إلى ثبات دخلهم في ظلّ الجائحة وإلى زيادة عدد العاملين من منازلهم وإغلاق متاجر بيع السيارات في عدد من المقاطعات، من بينها أونتاريو وكيبيك، على التوالي أكبر اثنتيْن بين المقاطعات العشر من حيث عدد السكان وحجم الاقتصاد.

وتراجَع الإنفاق الأُسَري على الملابس والأحذية بـ16,4%، وفي قطاع خدمات الطعام والشراب والإيواء بـ10,9%، وفي قطاع النقل الجوي بـ15,7%، في ظلّ إغلاق المطاعم والحانات والقيود المفروضة على السفر في النصف الثاني من آذار (مارس).

صالة عرض سيارات في مدينة لافال في مقاطعة كيبيك (أرشيف) / CP / Ryan Remiorz

ومقابل تراجع الإنفاق على النفقات الأُسرية خارج المنزل ارتفعت النفقات الأُسرية داخله في الربع الأول من 2020، وبـ7,2% على الطعام والمشروبات غير الكحولية وبـ6% على المشروبات الكحولية.

ونتيجة تراجع القيمة الإجمالية للنفقات لدى الأُسر الكندية ارتفع معدل الادّخار لديها من 3,6% في الربع الأخير من 2019 إلى 6,1% في الربع الأول من 2020، ومع تسجيل معدلات أعلى لدى الأُسر ذات المداخيل المرتفعة.

وهذا التراكم للمدّخرات الأُسرية في ظلّ الحجر المنزلي قد يُترجَم بزيادة في الإنفاق مع إزالة السلطات تدريجياً الإجراءات التقييدية التي فرضتها لمنع انتشار الجائحة، ما يعني على سبيل المثال إعادة فتح متاجر عديدة أبوابها، يشير رويس مينديس، كبير خبراء الاقتصاد لدى "سي آي بي سي" (CIBC)، أحد أكبر المصارف الكندية.

ويتوقع مينديس أن يُظهر الاقتصاد إشارات انتعاش في الصيف، "وإن كانت تمثل فقط الثمار الدانية لتخفيف القيود".

عمّال داخل مصنع "أرسيلور ميتال دوفاسكو" للفولاذ في مدينة هاميلتون في مقاطعة أونتاريو (Mark Blinch / Reuters)

وذهب برايان دي براتو، كبير خبراء الاقتصاد لدى "بنك تورونتو دومينيون (تي دي بنك)" (TD Bank)، أحد أكبر المصارف الكندية أيضاً، في الاتجاه نفسه، فرأى أنّه يمكن الحديث عن أنّ نهوضاً متواضعاً للاقتصاد هو في طور التكوين.

لكنّ السؤال الأساسي بنظر دي براتو هو "عن أي نوع من النهوض" نتحدث؟ ونظراً للضربات القوية لمداخيل الأفراد والشركات وللآثار الطويلة الأمد على بعض قطاعات الاقتصاد، من المرجّح أن تكون مسيرة النهوض "أقرب إلى الماراثون منها إلى العدْو السريع" يرى دي براتو في إشارةٍ منه إلى أنها ستكون طويلة.

(وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا الدولي)

روابط ذات صلة:

كندا في ظلّ "كوفيد - 19": معدل تضخم سلبي الشهر الفائت، الأول منذ أكثر من 10 سنوات

كندا: خسارة مليونيْ وظيفة في نيسان (أبريل) ومُعدّلُ البطالة 13% وكيبيك الأكثر تضرراً

كندا دخلت في ركود وهو "تراجع واضح ومتواصل وواسع في النشاط الاقتصادي الكلّي"

العجز في الميزانية قد يفوق 250 مليار دولار هذه السنة، لكنّ ترودو يثق بالكنديين

كندا: خسارة أكثر من مليون وظيفة في آذار (مارس) في ظلّ "كوفيد - 19" ومُعدّل البطالة 7,8%

فئة:اقتصاد
كلمات مفتاحية:، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.