مينغ وانتشو، المديرة المالية لعملاق الاتصالات الصيني "هواوي"، في طريقها إلى محكمة بريتيش كولومبيا العليا في فانكوفر في 27 أيار (مايو) 2020 (Jonathan Hayward / CP)

ضغوط على حكومة ترودو الليبرالية من وزراء ليبراليين سابقين لإطلاق سراح مينغ

تُواجه الحكومة الفدرالية ضغوطاً متناقضة من منهجيْن في التفكير بشأن طريقة التعاطي مع الصين في ملف المديرة المالية لعملاق الاتصالات الصيني "هواوي" مينغ وانتشو وملف المعتقليْن الكندييْن في الصين مايكل كوفريغ ومايكل سبافور.

فحكومة جوستان ترودو الليبرالية تتعرض من جهة لضغوط كي تقف بثبات بوجه الصين، ومن جهة أُخرى لضغوط تحثها على ممارسة "دبلوماسية الرهائن" يأتي أشدّها من شخصيات لعبت أدواراً رئيسية في حكومات جان كريتيان الليبرالية السابقة.

ألان روك، وزير العدل الكندي بين عاميْ 1993 و1997، هو آخر عضو في حكومات كريتيان ينضم إلى قائمة الداعين حكومة ترودو لوضع حدٍّ للمسار القانوني لتسليم مينغ للولايات المتحدة، والذين يأملون في أن تؤدي خطوة من هذا النوع إلى إطلاق الصين سراح كوفريغ وسبافور.

فالكنديان اللذان اتهمتها الصين مؤخراً بشكل رسمي بالتجسس على أمنها القومي لصالح جهات أجنبية معتقلان لديها منذ 10 كانون الأول (ديسمبر) 2018، أي بعد تسعة أيام على توقيف السلطات الكندية سيدة الأعمال الصينية ووضعها قيد الإقامة الجبرية في فانكوفر بناءً على طلب من السلطات الأميركية التي تتهمها بالالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

الكنديان الموقوفان في الصين، الدبلوماسي السابق مايكل كوفريغ (إلى اليمين) ومايكل سبافور (AP Photo)

وتعتبر حكومة ترودو أنّ اعتقال الصين كوفريغ وسبافور جاء رداً على توقيف مينغ، وإن كانت الصين تنفي وجود صلةٍ بين القضيتيْن.

وقال روك أمس إنّ كريتيان نفسه يدعم مبادرته بضرورة وضع حدٍّ للمسار القانوني لتسليم مينغ للسلطات الأميركية. "تحدثتُ إلى كريتيان هذا الصباح إذ اتصل بي ليقول لي إنه يتفق معي"، قال روك في حديث هاتفي مع وكالة الصحافة الكندية.

وأوضح روك، وهو رئيس فخري لجامعة أوتاوا حيث يُدرّس الحقوق، أنه لم يتحدث مع كريتيان قبل أن يدلي برأيه علناً في قضية تسليم مينغ التي تواصِل مسارها القانوني.

وحصل روك على دعم إضافي أمس في رسالة وجّهها 19 سياسياً ودبلوماسياً سابقاً إلى ترودو حثّوه فيها على إطلاق سراح مينغ آملين أن يؤدّي ذلك إلى إطلاق الصين سراح سبافور وكوفريغ.


الرئيس الفخري لجامعة أوتاوا، وزير العدل الفدرالي السابق ألان روك (Sean Kilpatrick / CP)

وبين الموقعين على الرسالة وزيرا الخارجية الأسبقان في حكومات كريتيان أندريه ويليت ولُويد أكسوُرثي، ووزيرُ الخارجية الأسبق في حكومة المحافظين لورنس كانن، والدبلوماسي الكندي السابق روبرت فاولر، الموفد الخاص سابقاً للأمين العام للأمم المتحدة إلى النيجر والذي اختُطف في هذا البلد الإفريقي أواخر عام 2008 قبل أن يُطلَق سراحه في نيسان (أبريل) 2009.

وبين موقّعي الرسالة أيضاً مديرا مكتب رئيس الحكومة الكندية الأسبق برايان مالروني (الحزب التقدمي المحافظ السابق) هيو سيغال، وهو أيضاً عضو سابق في مجلس الشيوخ، وديريك بورني الذي كان أيضاً سفيراً لكندا في واشنطن بين عاميْ 1989 و1993.

"لقد مرّ أكثر من 550 يوماً على إيداع مايكل (كوفريغ) ومايكل (سبافور) في سجن صيني"، جاء في الرسالة التي وقّعها أيضاً ألان روك والقاضية السابقة في محكمة كندا العليا لويز أربور التي تشغل حالياً منصب الممثلة الخاصة للأمم المتحدة للهجرة الدولية وهي أيضاً رئيسة سابقة للمفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ورئيسة تنفيذية سابقة لـ"مجموعة الأزمات الدولية" (ICG) التي كان كوفريغ، وهو دبلوماسي كندي سابق، كبيرَ المستشارين فيها لشؤون شمال شرق آسيا عندما أوقفته السلطات الصينية.

وكان روك وأربور قد طالبا يوم الاثنين في مقابلة مع صحيفة "ذي غلوب أند ميل" الواسعة الانتشار في كندا بوضع حدٍّ للمسار القانوني لتسليم مينغ للسلطات الأميركية.

الممثلة الخاصة للأمم المتحدة للهجرة الدولية والقاضية السابقة في محكمة كندا العليا لويز أربور (Darren Calabrese / CP)

ويرى موقّعو الرسالة أنّ توقيف سبافور وكوفريغ "كان غير قانوني وغير مبرَّر على الإطلاق" ويشيرون إلى أنّ "ظروف اعتقالهما، استناداً إلى أخبار موثوقة، ترقى إلى درجة التعذيب"، ويعبّرون عن قناعتهم بأنّ الكندييْن سيظلان قابعيْن في السجن إلى أن تصبح مينغ قادرة على الرجوع إلى الصين.

ويقرّ موقّعو الرسالة بأنه "لا يروق لأحد الرضوخ للتهويل أو للابتزاز"، لكنهم يجادلون بأنّ الموقف الحاسم لا يضمن عدم لجوء الصين مجدداً لاعتقالات تعسفية في المستقبل كي تحصل على مبتغاها.

"في الواقع، إذا قاومت كندا الضغوط الناجمة عن اعتقال مايكل (سبافور) ومايكل (كوفريغ)، هناك احتمال كبير بأن تقرّر الصين أنّه في المرة المقبلة سيتعيّن عليها التصعيد من خلال اعتقال أكثر من مواطنيْن كندييْن"، جاء في الرسالة.

ويجادل روك وأربور بأنّ القانون الكندي لتسليم المطلوبين للخارج يتيح لوزير العدل إنهاء إجراءات التسليم في أيّ وقت كان.

لكنّ ترودو ووزير العدل في حكومته دافيد لاميتي قالا دوماً إنّ الوزير قد يتدخّل في قضية مينغ فقط بعد صدور الحكم النهائي للقضاء الكندي فيها، وإنه حتى ذلك الحين تتطلب سيادة القانون ألّا تتدخل الحكومة في القضية.

واليوم تطرّق ترودو إلى هذا الموضوع فقال إنّ الرضوخ لضغوط الصين كي تطلق سراح كوفريغ وسبافور يعرّض عدداً "أكبر بكثير" من الكنديين للخطر.

رئيس الوزراء الكندي الأسبق جان كريتيان ضيف راديو كندا متحدثا عن كتابه الجديد حكاياتي/راديو كندا

رئيس الحكومة الليبرالية السابقة جان كريتيان متحدثاً في برنامج تلفزيوني لراديو كندا (Radio-Canada)

وكان 12 عضواً في مجلس الشيوخ الكندي قد طلبوا في وقت سابق من الأسبوع الحالي من الحكومة الفدرالية فرض عقوبات على مسؤولين صينيين بسبب انتهاك السلطات الصينية لحقوق أقلية الإيغور المسلمة وتقييدها المتزايد للحريات في هونغ كونغ واعتقالها الكندييْن كوفريغ وسبافور.

لكنّ عضواً آخر في المجلس، يُوين بو وُو، وهو رئيس "مجموعة أعضاء المجلس المستقلين"، طلب من الحكومة الأخذ بنصيحة روك وأربور والتدخّل لوضع حدٍّ لإجراءات تسليم مينغ.

يُشار إلى أنّه سبق للسلطات الصينية أن ألمحت إلى أنّ إطلاق كندا سراح مينغ قد يساهم في إطلاق الصين سراح كوفريغ وسبافور، بالرغم من تأكيدها أنّ توقيف الكندييْن لم يأتِ ردّاً على توقيف سيدة الأعمال الصينية.

"تندرج هذه الخيارات في إطار سيادة القانون وقد تفسح المجال أمام حلّ لوضع الكندييْن"، قال أمس المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جاو ليجيان.

(وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا / راديو كندا الدولي)

روابط ذات صلة:

مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ تطالب الحكومة بفرض عقوبات على مسؤولين صينيين

الادّعاء الصيني يُوجّه تهمًا بالتجسس للكنديَين سبافور وكوفريغ

محامي مينغ يرى أن اتهامها يخفي إرادة أميركية لفرض عقوبات على إيران

كندا وتحدّي حلّ الأحجية الصينية: هل مزارعو الكانولا الكنديون ضحايا جديدة؟

فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:، ، ، ، ، ، ، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.