أظهرت دراسة جديدة أنّ المصابين بمرض كوفيد-19 عديمي الأعراض الذين جاءت نتائجهم إيجابيّة، يطوّرون عددا قليلا من الأجسام المضادّة يمكن اكتشافها بعد أسابيع قليلة على الإصابة، ما يعني أنّهم لا يطوّرون مناعة دائمة.
وتزداد الأدلّة حول أنّ نسبة كبيرة من الأشخاص الذين كانت إصابتهم مؤكّدة بمرض كوفيد-19 كانوا عديمي الأعراض.
ولكنّ نسبة هؤلاء الأشخاص غير واضحة بعد، ولا الدور الذي يلعبونه في نشر المرض.
ونشرت مجلّة "نيتشر" دراسة صينيّة تابع معدّوها 37 شخصا في منطقة وانجو لم تظهر عليهم أعراض المرض رغم أنّ اختبار الكشف عن الفيروس أظهر نتائج إيجابيّة لدى فحص المجاري التنفسيّة لديهم، واضطرّوا للاستشفاء والبقاء تحت المراقبة.
الدراسة استخلصت عددا من النتائج الرئيسيّة:
وتفيد الدراسة أنّ مستوى الأجسام المضادّة لفيروس كورونا التي يطوّرها عديمو الأعراض أدنى من تلك التي يطوّرها المرضى الذين تظهر عليهم الأعراض.
المطلوب لقاح يؤمّن استجابة مناعيّة قويّة وطويلة الأمد/ Ted S. Warren/AP
وفضلا عن ذلك، يتراجع مستوى الأجسام المضادّة بسرعة لدى عديمي الأعراض بعد إصابتهم بالعدوى.
ولم يعد لدى 40 بالمئة منهم أجسام مضادّة قابلة للكشف بعد ثمانية أسابيع على التعافي، في حين أنّ 13 بالمئة من الأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض كانت لديهم أجسام مضادّة بعد هذه الفترة.
ويُفهم من ذلك أنّ الأشخاص عديمي الأعراض طوّروا استجابة مناعيّة للعدوى أقلّ من تلك التي يطوّرها الأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض.
وأظهرت الدراسة أنّ عديمي الأعراض أظهروا نتائج إيجابيّة بعد 19 يوما، أي بمعدّل خمسة أيّام أكثر من الذين تظهر عليهم الأعراض وتكون النتائج إيجابيّة لديهم بعد 14 يوما، ما يشير إلى أنّ عديم الأعراض يذرف الفيروس لمدّة أطول، أي أنّه يُخرج الفيروس في محيطه حيث ينقل العدوى إلى أشخاص آخرين.
وأفادت الدراسة أيضا أنّه حتّى في حال عدم وجود أعراض خارجيّة ظاهرة، كان 70 بالمئة من المرضى يعانون من تشوّهات في الرئة يمكن كشفها بالأشعّة السينيّة، تؤشّر على وجود التهابات وأعراض أخرى من المرض.
عدم وجود الأجسام المضادّة والمناعة:
ولا يستغرب د. سمير غوبتا أخصّائي الطبيب في مستشفى سانت مايكل في تورونتو تراجع مستوى الأجسام المضادّة مع الوقت.
ويرى من الطبيعي أن يحدث ذلك لأنّ الاحتفاظ بالأجسام المضادّة التي لا يحتاجها الجسم يتطلّب طاقة مكثّفة.
ويقول د. غوبتا في حديث إلى سي بي سي هيئة الإذاعة الكنديّة إنّ ما يثير الدهشة في الدراسة، هو وجود أجسام مضادّة غير قابلة للكشف لدى 40 بالمئة من المصابين عديمي الأعراض بمرض كوفيد-19.
ولدى الناس كما يقول الطبيب، مناعة ضدّ الفيروسات التاجيّة التي تسبّب الزكام لعدّة أشهر فقط.
ويشير د. سمير غوبتا إلى أنّ الدراسة شملت عددا قليلا من الأشخاص، ما قد يؤثّر في النتائج التي خلصت إليها.
متنزّهون على رصيف وايت روك في بريتيش كولومبيا في 28-06-2020/Darryl Dyck/CP
وتلعب مكوّنات أخرى من الجهاز المناعي دورا، من بينها خلايا الذاكرة.
وتتذكّر هذه الخلايا مسبّبات المرض، وتبدأ بإطلاق الأجسام المضادّة عندما تواجهها مرّة أخرى، ولكنّه من الصعب كشفها.
مناعة القطيع ليست الحلّ:
اقترحت بعض الدول ومن بينها السويد مراقبة انتشار مرض كوفيد-19 من خلال السماح بانتقال العدوى إلى عدد كبير من الأشخاص بطريقة مضبوطة تولّد مناعة القطيع.
وعندما يبلغ السكّان مستوى معيّنا من الإصابة بالعدوى، تصل إلى 60 بالمئة على الأقلّ، لا يعود بإمكان الفيروس الانتشار وفق متوالية هندسيّة.
وترى د. تانيا واتس أستاذة المناعة في جامعة تورونتو، أنّ الرهان على مناعة القطيع بالتالي ليس حذرا.
ومعنى ذلك أنّنا نحتاج إلى تطوير لقاح يؤدّي إلى استجابة أكبر وتدوم أكثر من العديد من الالتهابات الطبيعيّة، ممّا يضع المزيد من الضغوط لتطوير لقاح كما قالت أستاذة المناعة في جامعة تورونتو د. تانيا واتس.
وما زال الجدل قائما حول التجارب المصليّة المستخدمة لتحديد عديمي الأعراض، المصابين بالمرض، واستخدام "جوازات المناعة" التي من شأنها السماح بأن يكون للمصابين بالعدوى تفاعل أكبر مع المجتمع من خلال السفر والتجمّعات الكبيرة.
"إلى أن نعرف أيّ جزء من جهاز المناعة يحمي، من الصعب أن نكون قادرين على إجراء اختبار وأن نقول للشخص بأنّه في أمان أم لا": د. تانيا واتس أستاذة المناعة في جامعة تورونتو.
(راديو كندا/ سي بي سي/ راديو كندا الدولي)
وابط ذات صلة:
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.