أعلام صينية وكندية في بكين احتفاءً بزيارة رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو إلى العاصمة الصينية في 5 كانون الأول (ديسمبر) 2017 (Fred Dufour / CP / AP)

الصين تهدّد بإجراءات ضدّ كندا على خلفية القانون الأمني الجديد في هونغ كونغ

هدّدت الصين باتخاذ إجراءات بحقّ كندا بعد أن ندّد رئيس الحكومة الفدرالية جوستان ترودو بقانون صيني جديد حول "الأمن القومي" في هونغ كونغ.

وقال اليوم المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جاو ليجيان إنّ كندا "انتهكت بشكل خطير القانون الدولي والمعايير الأساسية التي تنظّم العلاقات الدولية وإنها تدخّلت بشكل خطير في شؤون الصين الداخلية".

وشدّد جاو على أنّ المسائل المتعلقة بهونغ كونغ هي شؤون داخلية صينية وأنّه لا يحق للدول الأُخرى التدخل فيها، مضيفاً أنّ الصين تحتفظ بحقّ الردّ على تدخلات من هذا النوع.

وكان ترودو قد أعلن يوم الجمعة الفائت تعليق العمل بمعاهدة تسليم المطلوبين مع هونغ كونغ وتجميد صادرات المعدات العسكرية "الحسّاسة" إليها ردّاً على فرض السلطة المركزية الصينية قانون "الأمن القومي" في المستعمرة البريطانية السابقة التي تحظى بشكل من أشكال الحكم الذاتي كـ"منطقة إدارية خاصة" في الصين. واتخذت دول عديدة إجراءات شبيهة لما أعلنت عنه كندا.

رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو يصغي لسؤال في مؤتمر صحفي (Adrian Wyld / CP)

وقال ترودو إنّ القانون الصيني الجديد يشكل تهديداً لمبدأ "بلد واحد، نظامان مختلفان" الذي كان من المفترض أن يبقى سائداً مدة 50 عاماً بعد انتقال هونغ كونغ إلى سيادة جمهورية الصين الشعبية عام 1997.

ويتضمن القانون الجديد قمع الأنشطة "الانفصالية" و"الإرهاب" و"التخريب" و"التآمر مع قوى خارجية وأجنبية"، فيقوّي من قبضة بكين على هونغ كونغ ويسهّل عليها قمع المتظاهرين فيها ضدّ السلطة.

وتأتي هذه التطورات لتزيد من تأزّم العلاقات الكندية الصينية على خلفية ملف المديرة المالية لعملاق الاتصالات الصيني "هواوي" مينغ وانتشو الخاضعة للإقامة الجبرية في كندا والتي انطلق المسار القانوني لتسليمها إلى الولايات المتحدة، وملف المعتقليْن الكندييْن في الصين مايكل كوفريغ ومايكل سبافور المتهميْن بالتجسس على الأمن القومي الصيني.

الكنديان الموقوفان في الصين، الدبلوماسي السابق مايكل كوفريغ (إلى اليمين) ومايكل سبافور (AP Photo)

وفي سياق متصل يرى بعض الخبراء أنّ على الكنديين تجنب السفر إلى هونغ كونغ بعد أن فرضت فيها السلطة المركزية الصينية هذا القانون الجديد حول "الأمن القومي".

والمادة 38 من القانون الجديد المثير للجدل هي مصدر هذا التحذير. فحسب نصّ هذه المادة كلّ شخص يعرب عن دعمه للديمقراطية في هونغ كونغ، وبغضّ النظر عن مكان تواجده، يعرّض نفسه للتوقيف عند وصوله إلى المستعمرة البريطانية السابقة.

"أحذّر كلّ شخص يعتقد أنه قد يكون معرّضاً للتحقيق معه في إطار القانون حول الأمن القومي أن يأخذ بجدية كبيرة مخاطر السفر إلى هونغ كونغ بسبب المادة 38"، يقول ليستر روس، الشريك المكلّف بمكتب بكين لدى شركة "ويلمرهيل" (WilmerHale) للمحاماة.

"يحتوي القانون على أحكام تسمح للسلطات بملاحقة منتهكيه حتى وإن لم يكونوا متواجدين (في هونغ كونغ). وترغب الحكومة الصينية بفرض هذه الإجراءات القمعية على الأشخاص الموجودين في كندا (كما في دول أُُخرى) الذين يمارسون حقوقهم بموجب الشرعة الكندية للحقوق والحريات للتعبير بحرية عن آرائهم السياسية"، يضيف من جهته تشارلز بورتن، الدبلوماسي السابق في بكين والخبير في الشؤون الصينية في معهد "ماكدونالد لورييه" (MacDonald-Laurier Institute) البحثي في أوتاوا.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جاو ليجيان (CBC)

"من الممكن جداً أن يُمنَع كنديون سبق لهم أن أعربوا عن دعمهم لاستقلال هونغ كونغ من زيارة المدينة"، يقول من جهته ديفيد وُونغ، مدير المبادرات السياسية في "تحالف كندا هونغ كونغ" (Canada Hong Kong Alliance) وهي منظمة كندية تنشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان في الصين.

تفسير القانون الجديد أمر متروك للسلطات، ما يعني أنّ "الأنشطة التي تُجرَّم قد تكون عملياً كلّ ما يريد الحزب الشيوعي الصيني وضع حدّ له. وفي الصين يتعامل القضاء أساساً مع انتقاد أيّ سياسة أو نشاط حكومي على أنه عمل تخريبي"، تقول غلوريا فونغ، رئيسة "رابط كندا هونغ كونغ" (Canada-Hong Kong Link) وهي منظمة تنشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ودعم الديمقراطية في هونغ كونغ مقرّها تورونتو.

"نظراً لأنّ القانون (الجديد) ينطبق على كلّ شخص في العالم، إذا انتقد شخصٌ ما الصين وهو في كندا يعرّض نفسه للتوقيف ما إن تطأ قدماه هونغ كونغ (...) ويُتّهم بالقيام بأنشطة تخريبية"، تضيف فونغ.

مبنى السفارة الصينية في أوتاوا في صورة مأخوذة في 17 كانون الثاني (يناير) 2019 (Sean Kilpatrick / CP)

ومن جهته يلفت روس إلى أنّ الكندي الراغب بزيارة هونغ كونغ لا يحتاج للحصول مسبقاً على تأشيرة سياحية، فيما يحتاج إليها لو كان قاصداً الصين القارية. وهذه الخصوصية معطوفة على مادة ملتبسة في القانون الجديد تعقّد الأمور على الكنديين.

"ليس فقط يمكن أن يُرَدّ هذا الشخص على أعقابه عند حدود هونغ كونغ إذا ما اشتُبه بارتكابه مخالفة، لكن قد يتعرّض للاعتقال بموجب الفقرة الثانية من المادة 43" من القانون الجديد، يشرح روس.

ويضيف روس أنّ مجرّد المرور في هونغ كونغ لتبديل الطائرة خلال رحلة جوية بات أمراً بالغ الخطورة لكلّ شخص أعرب علناً عن دعمه لاستقلال هونغ كونغ أو للحفاظ على حقوق الإنسان فيها.

ويقول وُونغ في هذا المجال إنّ منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، أو حتى أحاديث خاصة كُشف مضمونها، تشكل ذرائع كافية لتعريض أصحابها للمتاعب مع السلطات الصينية إذا ما تضمنت مواقف تضعها بكين في خانة الأنشطة التخريبية.

(وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا / راديو كندا الدولي)

روابط ذات صلة:

كندا تعلّق معاهدة تسليم المطلوبين مع هونغ كونغ والصادرات العسكرية "الحسّاسة"

ضغوط على حكومة ترودو الليبرالية من وزراء ليبراليين سابقين لإطلاق سراح مينغ وانتشو

كندا "قلقة من توقيف شخصيات سياسية في هونغ كونغ" وتؤكّد على "حقّ التظاهر السلمي"

الكندية دينيز هو تحث العالم على دعم المتظاهرين في هونغ كونغ

فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.