قال ممثل عن عائلات وأقارب الضحايا الكنديين في حادث تحطّم طائرة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية ذات الرحلة رقم PS752 في إيران إنّ ما أفاده تقرير إيراني جديد حول الحادث يؤكد على الحاجة لإجراء تحقيق مستقل.
والتقرير المشار إليه أصدرته مساء السبت هيئة الطيران المدني الإيرانية بعد مرور ستة أشهر ونيف على تحطّم الطائرة، وجاء فيه أنّ "العامل الرئيسي" وراء الحادث كان "خطأً بشرياً" من قبل القوات المسلحة الإيرانية في التحكّم بجهاز رادار عسكري تسبب بأوجه خلل أُخرى في عملية التحكّم بمنظومة الدفاع الجوي.
يُذكر أنّ الطائرة، وهي من طراز "بوينغ 737"، تحطمت بُعيْد إقلاعها من مطار طهران الدولي في 8 كانون الثاني (يناير) الفائت جرّاء إصابتها بصاروخيْ أرض – جو إيرانييْن. وقُتل جميع من كانوا على متنها، وهم ركابها الـ167 وأفراد طاقمها الـ9.
وكان بين الركّاب 55 كندياً، من أصول إيرانية بشكل خاص، ونحوٌ من 30 شخصاً حاصلين على الإقامة الدائمة في كندا، وعشراتُ الركاب الذين تربطهم بكندا صلات أُخرى كالدراسة، وركاب إيرانيون آخرون و11 أوكرانياً من ضمنهم أفراد طاقم الطائرة، وركاب بريطانيون وأفغانيون.
وبعد أن نفت إيران في البدء أيّ مسؤولية عن الحادث، أعلن "حرس الثورة الإسلامية" في 11 كانون الثاني (يناير) مسؤوليته الكاملة عن إسقاط الطائرة نتيجة "خطأ بشري بعد اقترابها من مركز حسّاس" تابع له.
وهذا التبدّل الذي طرأ على الموقف الإيراني خلال أيام معدودة لم يحصل إلّا بعد أن قدّمت دول غربية أدلة عديدة على مسؤولية إيران في إسقاط الطائرة.
واتهمت كندا وسائر الدول الأعضاء في "المجموعة الدولية للتنسيق والتدخل من أجل ضحايا الطائرة الأوكرانية" إيران بالسعي لمنع إجراء تحقيق شامل حول ظروف تحطم الطائرة. وتضمّ المجموعة إضافةً إلى كندا كلاً من أوكرانيا والمملكة المتحدة والسويد وأفغانستان.
طبيب الأسنان حامد اسماعيليان المقيم في تورونتو فقد زوجته باريزا وابنتهما ريرا البالغة من العمر تسع سنوات في حادث تحطم الطائرة، وهو أحد مؤسسي مجموعة تطالب بالعدالة للضحايا.
وبعد اطلاعه على تقرير هيئة الطيران المدني الإيرانية جدّد اسماعيليان أمس مطالبته بتحقيق مستقلّ، إذ يرى أنّ "من الصعب تصديق الرواية" التي تضمنها التقرير الذي "يثير المزيد والمزيد من الأسئلة".
فطائرة الركاب الأوكرانية أُسقطت في محيط المطار الرئيسي في طهران بعد ساعات معدودة على قصف إيران بالصواريخ الباليستية قاعدتيْن في العراق تستخدمهما القوات الأميركية.
وهذا القصف الصاروخي الإيراني جاء رداً على اغتيال الولايات المتحدة قائد "فيلق القدس" التابع لـ"حرس الثورة الإسلامية" الفريق قاسم سليماني في العاصمة العراقية بغداد في 3 كانون الثاني (يناير) بواسطة صواريخ أطلقتها طائرة مسيّرة.
وعندما أسقطت إيران الطائرة الأوكرانية كانت قواتها المسلحة في حالة تأهب لهجوم أميركي مضاد. لكنّ تقرير هيئة الطيران المدني الإيرانية لا يذكر ذلك مكتفياً بالإشارة إلى أنّ تغيّراً في "درجة استنفار الدفاعات الجوية الإيرانية" كان قد سمح باستئناف الملاحة الجوية المقرَّرة مسبقاً.
ويفصّل التقرير الإيراني سلسلة من الأخطاء البشرية، بدءاً ببطارية الصواريخ المضادة للطائرات التي استهدفت الطائرة الأوكرانية والتي كانت قد نُقلت من مكانها ولم تتم إعادة توجيهها بالشكل الصحيح. ونتج عن ذلك "تضليل بنسبة 107 درجات" في نظام البطارية.
كما أنّ مشغّلي البطارية لم يكونوا قادرين على التواصل مع مركز قيادتهم، وإضافة إلى ذلك أساؤوا تحديد الطائرة المدنية إذ اعتبروها مصدر تهديد وفتحوا عليها النار مرّتيْن دون حصولهم على إذن من كبار المسؤولين العسكريين.
ولم يذكر التقرير لماذا نقل "حرس الثورة الإسلامية" بطارية الصواريخ من مكانها، لكنه أشار إلى أنّ الطائرة الأوكرانية لم تقم بشيء غير اعتيادي لحين إطلاق الصاروخ الأول عليها. "عند إطلاق الصاروخ الأول كانت الطائرة تطير على ارتفاع ووفق مسار عادييْن"، قال التقرير.
ويضع التقرير الإيراني كامل مسؤولية إسقاط الطائرة على طاقم بطارية الصواريخ. وكان متحدث رسمي إيراني قد قال في حزيران (يونيو) الفائت إنّه تمّ توقيف ستة أشخاص يُشتبه بضلوعهم في الحادث وإنّه تمّ الإفراج عن ثلاثة منهم بموجب كفالة فيما ظلّ الثلاثة الآخرون قيد التوقيف.
أما اسماعيليان فيتساءل لماذا تمّ استهداف الطائرة الأوكرانية وليس طائرات عديدة أُخرى أقلعت قبلها بوقت قصير.
ويرى اسماعيليان أنّ التقرير ليس سوى محاولة أُخرى من النظام الإيراني لتصوير الحادث المأساوي على أنه نتيجة خطأ بشري وبالتالي عدم السماح بإجراء تحقيق كامل حول ظروفه.
ويأتي صدور تقرير هيئة الطيران المدني الإيرانية قبل إرسال إيران الصندوقيْن الأسوديْن الخاصيْن بالطائرة إلى فرنسا في 20 تموز (يوليو) الجاري بعد أشهر طويلة من التأخير.
وفي أوتاوا لم يردّ الناطق باسم وزارة الشؤون العالمية سيلفان لوكلير بشكل مباشر على الأسئلة المتعلقة بالتقرير الإيراني مؤثراً التذكير بمطالبة وزير الخارجية فرانسوا فيليب شامبان السلطات الإيرانية مرات عديدة بإجراء تحقيق كامل وشفاف.
ومساء أمس كتب شامبان في تغريدة على موقع "تويتر" للتواصل إنّ "على إيران إجراء تحقيق كامل وشفاف وفقاً للمعايير الدولية وتقديم تعويضات لأُسر الضحايا".
وأضاف الوزير شامبان أنّ كندا تعمل مع شركائها من أجل أن "تحترم إيران تعهداتها، لاسيما ما يتعلق بتحليل الصندوقيْن الاسوديْن في فرنسا في 20 تموز (يوليو)".
(وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا الدولي)
روابط ذات صلة:
الطائرة الأوكرانية: إيران مستعدة لدفع تعويضات ومجموعةُ التنسيق الدولية ستفاوضها
إيران ترسل صندوقيْ الطائرة الأوكرانية الأسوديْن إلى فرنسا في تمّوز (يوليو)
الطائرة الأوكرانية: كندا تسأل عن سبب تأخّر إيران في تسليم الصندوقيْن الأسوديْن
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.