مظاهرة حاشدة في ساحة الشهداء في بيروت في 01-01-2020/ Bilal Hussein/AP

مظاهرة حاشدة في ساحة الشهداء في بيروت في 01-01-2020/ Bilal Hussein/AP

لبنان عشيّة الذكرى الأولى لـ17 تشرين: علامات استفهام حول المستقبل

تحلّ الذكرى الأولى لانتفاضة 17 تشرين في لبنان في ظروف  غير مسبوقة يعانيها بلد الأرز.

ففي مثل هذا اليوم من العام الماضي، انطلقت مظاهرات حاشدة للمطالبة بتغيير النظام .

وكانت الضريبة على الواتساب الشرارة التي أشعلت غضب اللبنانيّين، فنزل نحو من مليوني شخص إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم ممارسات الطبقة السياسّة، والدعوة إلى إصلاحات و إلى تغيير سياسي لا بدّ منه بعد عقود من الفساد والفوضى والمحسوبيّة.

وتطوّرت الانتفاضة على مدى اثني عشر شهرا، وشهدت محطّات زاخمة وأخرى أقلّ زخما، على وقع الأحداث السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة المتلاحقة.

وتأتي الذكرى الأولى وسط أزمات يعانيها لبنان على أكثر من صعيد، اقتصادي وسياسي واجتماعي، زادها تفاقما  الانفجار المدمّر في مرفأ بيروت في 4 آب أغسطس، وجائحة كوفيد-19.

وثمّة مخاوف من أن يتفاقم الوضع تحت ضغط الأعباء المعيشيّة والماليّة التي تُثقل كاهل اللبنانيّين، الذين أصبح ما يزيد على 50 بالمئة منهم تحت خطّ الفقر.

هل ترقى انتفاضة 17 تشرين إلى الثورة، وماذا حقّقت، وهل هي قادرة على الاستمرار أجل لبنان أفضل كما يحلم به أبناؤه وفي طليعتهم جيل الشباب؟

القسم العربي في راديو كندا الدولي تناول الذكرى  الأولى لـ17 تشرين في حديث مع د.سامي عون  أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة شربروك، ومدير مرصد دراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جامعة كيبيك في مونتريال (أوكام).

يقول د. عون إنّ ما جرى في 17 تشرين كان في بداياته ثورة، لأنّها عبرت الطوائف وحشدت شعبيّة و استقطبت الاحتقان داخل النظام وعملت على تفكيكه.

لكنّها ناقضت أهدافها الأولى بعد ذلك، ووقعت في شرك الطائفيّة، ولم يحالفها الحظّ مع أزمة كورونا وتفجير مرفأ بيروت، وتبيّن كما حدث في الربيع العربي  أنّ النظام أقوى من الشعب.

ويقول د. عون ردّا على سؤال إنّ ما جرى هو حراك لأنّه نجح في إيقاظ المجتمع المدني، كي يستطيع مقاومة سلطة الأقليّة التي تتجاهل الرأي العام وتتّخذ قراراتها دون مشاركته.

وعن سؤال حول ما إذا كان النظام قويّا لدرجة إفشال الثورة، أم أنّ أحزابا ،ولا سيّما حزب الله أفشلها، يقول د. عون  إنّ هناك دوما في لبنان أحزابا  أو كتلا سياسيّة تلعب دور الثورة وأخرى تلعب دور الثورة المضادّة.

ويتحدّث عن هواجس حول منطلقات الثورة و من يديرها، جاءت أساسا من حزب الله،  الذي شعر بوجود مسعى وراء الحركة المطلبيّة لوضع سلاحه على طاولة المفاوضات.

وحدث اصطفاف مذهبي شيعي، وبعد ذلك سنّي ومسيحي، كما قال د. سامي عون مشيرا إلى أنّ الأمور لم تعد بالسهولة التي كانت عليه قبل الاستقطاب.

و النظام  في لبنان مدنيّ و ليس طائفيّا، ولكنّه في الواقع  نظام محاصصة، يوزّع الغنائم والمصالح بين أحزاب مسيطرة على السلطة.

والثورة مسار تراكمي تسجّل المكاسب  حينا  وتعاني الخضّات والانتكاسات أحيانا أخرة.

 وسجّلت  الثورة مكاسب إسقاط الحكومة، ولكنّ السطة عجوت عن التجاوب مع مطاليها.

متظاهرون في بيروت وجها لوجه مع عناصر من الجيش في 05-10-2020/Hussein Malla/AP

متظاهرون في بيروت وجها لوجه مع عناصر من الجيش في 05-10-2020/Hussein Malla/AP

وفتحت الثورة مجالا للنقاش، ولكنّها لم تنجح في تحقيق المكسب الأساسي، أي تبديل السلطة والمنظومة الحاكمة كما يقول د. سامي عون.

ويضيف أنّها ساهمت في إيقاظ المجتمع المدني ، وهناك فئات شعبيّة مهمّة لا ترى نفسها مختزلة في هويّة الطائفة ، ما يمكن اعتباره  انعطافة مهمّة للثورة ظهّرت مكامن الخلل والعلل في النظام اللبناني.

ويشير أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة شربروك د. سامي عون إلى التداخل المحلّي والإقليمي والدولي في كلّ ما يحدث، و كيف أنّ القرارات مرتهنة لمصالح إقليميّة وخارجيّة، وفي كلّ مرّة كان لبنان على منعطف، كان التدخّل الخارجي قويّا وشبه حاسم. 

ويتحدّث د. سامي عون عن المبادرة الفرنسيّة بعد تفجير المرفأ في 4 آب أغسطس، ويضيف أنّ الأزمة المعيشيّة ترخي بظلالها لا سيّما أنّ أكثر من نصف سكّان لبنان يعيشون تحت خطّ الفقر.

و السلطة أدركت أهميّة البعد الخارجي والإقليمي، وجاءت في هذا السياق عمليّة ترسيم الحدود مع إسرائيل، خصوصا أنّ السؤال مطروح حول تلكّوء الحكومة في الإفادة من ثروة الغاز التي تزخر بها المياه اللبنانيّة.

الرئيس اللبناني الجنرال ميشال عون مستقبلا وزير خارجيّة كندا في 27-07-2020/Dalati Nohra via AP)

الرئيس اللبناني الجنرال ميشال عون مستقبلا وزير خارجيّة كندا في 27-07-2020/Dalati Nohra via AP)

ورغم الضغط الشعبي، لم يُعرف بعد ما جرى في التحقيقات حول الفساد و الوضع المالي، ولم تكن هناك أيّة مساءلة لمسؤول لبناني حتّى الآن.

وحول الرسالة التي وقّعها نحو من 100 شخص من وجوه الجالية الكنديّة اللبنانيّة ، من بينهم سلمي عون نفسه، موجّهة  إلى الحكومة الكنديّة ومن بينهم ، يقول ضيفنا إنّ من إيجابيّات الرسالة، أنّ وزير الخارجيّة الكندي فرانسوا فيليب شامبان زار لبنان وتعهّدت كندا بتقديم المساعدة للبنانيّين.

لكنّ كندا ليست دولة كبرى ودورها ليس كبيرا في منطقة الشرق الأوسط، وجاءت المبادرة الفرنسيّة لتتتجاوز الدور الكندي كما يقول د. سامي عون.

ولكنّ كندا فتحت مشكورة باب الهجرة وسرّعت معاملات المنكوبين الذين تأثّروا بالانفجار المدمّر الذي وقع في 4 آب في مرفأ بيروت.

وفي ختام حديثه للقسم العربي في راديو كندا الدولي، يقول د. سامي عون أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة شربروك ومدير مرصد دراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جامعة "اوكام" إنّه ينبغي دوما التفاؤل بالمستقبل، والنظام في لبنان يموت والنظام الجديد لم يولد بعد.

وقطع  لبنانمراحل مهمّة على طريق بناء دولة مدنيّة، لكنّه عاد وانحرف نحو الطائفيّة، والوضع مظلم في المرحلة الراهنة، ولبنان في القاع يقول د. عون، مشيرا إلى التغييرات التي تحدث إقليميّا، بما فيها الاتّفاقات بين دول خليجيّة وإسرايل.

ولبنان بحاجة إلى عقد اجتماعي بين المواطنين وليس بين الطوائف ليتمكّن من إعادة الثقة بنظامه الديمقراطي كما قال د. سامي عون خاتما حديثه لإذاعتنا.

روابط ذاتت صلة:

فريق عمل كندي معني بلبنان لدعم الخدمات القنصلية وللمعالجة السريعة لمسائل الهجرة

كندا ترفع قيمة مساعدتها الإنسانية إلى المنكوبين اللبنانيين إلى 30 مليون دولار

لبنان : ذهول بعد الانفجار الكارثي في المرفأ والسلطة أعلنت حالة الحداد

كندا تعرب عن تضامنها مع لبنان والكنديين من أصل لبناني وهي “مستعدة للمساعدة”

فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:، ، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.