صورة قديمة لثلاثة مواطنين كنديين يرتدون القناع الواقي إبان وباء الانفلونزا الاسبانية في أعقاب الحرب الكونية الأولى/مكتبة وأرشيف هيئة الإذاعة الكندية

الدروس التي تعلمناها من الانفلونزا الاسبانية بحسب مؤرخ كندي

تُذّكر جائحة كوفيد-19 بالإنفلونزا الإسبانية التي اجتاحت العالم في أعقاب الحرب العالمية الأولى في عامي 1918 و1919. ما هي يا ترى القواسم المشتركة بين الوبائين وكيف يستخلص المؤرخون العبر من الماضي للإفادة منها في الحاضر؟

يُعرب المؤرخ فيليب باسك من مقاطعة نيو برونزويك في الشرق الكندي عن اعتقاده بأن أهل منطقة أكاديا أو أكادي (بالفرنسية: Acadie)‏ وهي منطقة تقع على الساحل الشرقي الكندي، قد حفظوا جيدا الدروس من الانفلونزا الاسبانية علما أن المؤرخ الكندي نفسه مهتم بدوره بالجائحة الكونية التي شهدها العالم قبل أكثر من قرن كامل.

الموجة الثانية من الانفلونزا الاسبانية في خريف العام 1918حصدت العدد الأكبر من الضحايا/راديو كندا

حصيلة جائحة القرن الماضي ليست واضحة ولكن يُقدر بأنها حصدت 50 مليون نسمة من سكان الأرض نصفهم ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاما. في كندا، بلغ عدد الوفيات بسبب الانفلونزا الاسبانية 000 55 وفاة.

وتتشابه التدابير الوقائية لمكافحة الكوفيد-19 مع تلك التي اعتمدتها سلطات العالم في القرن الماضي لمكافحة الانفلونزا. وارتدى الناس أثناءها الكمامة الواقية ومارسوا قواعد التباعد الاجتماعي على غرار ما نشهده اليوم.

يقول أستاذ التاريخ الأكادي: عندما أقرأ الـ 11 توصية المنشورة في صحيفة "L'Èvangéline" في عدد تشرين الأول/أكتوبر من العام 1918، فإن التوصية الوحيدة التي لم يتم ذكرها حينها هي "غسل اليدين"،علما أن هذا التدبير الوقائي باشرت التوصيات به منذ بدء انتشار فيروس كورونا المستجد.

كل ما عدا ذلك من إجراءات صحية وقائية فهي كانت ذاتها التي نشهدها اليوم ولكنها بصياغة فرنسية مختلفة عن صياغة اليوم.

يذكر أنه تم أيضا في العام 1918 إقفال الكنائس والمدارس.

لعّل الإنفلونزا الإسبانية كانت أكثر فتكًا في نيو برونزويك من COVID-19 ، مما أسفر حينها عن مقتل حوالي 1400 شخص في حين أنه توفي ستة أشخاص جراء إصابتهم بفيروس كورونا المستجد في أنحاء المقاطعة الأطلسية حتى الآن.

ما اختلف في القرن الماضي عن القرن الحالي هو التكنولوجيا الرقمية الحديثة التي وفّرت انتشارا و تعميما أسرع للتوصيات و الأخبار.

أكاديّون يحتفلون بعيدهم الوطني في 15 آب أغسطس 2013 في مقاطعة نيو برونزويك في الشرق الكندي/ Marilyn Marceau/Radio-Canada

يقول المؤرخ في القرية الأكادية التاريخية في نيو برونزويك: أعتقد أننا استمعنا إلى التوصيات بسرعة أكبر مما كانت عليه الحال في عام 1918. مع الإنترنت - حتى الهاتف لم يكن موجودًا في ذلك الوقت أو كان قليلًا جدًا -مرّت الرسالة بسرعة فائقة ووصلت إلى كل الآذان.

ربّ سؤال اليوم عما يمكن أن يتذكره المؤرخون في المستقبل عن جائحة 2020. وقد يصعب تحديد ذلك بدقة كما يشرح الاستاذ باسك، لأن هؤلاء ستلقى على عاتقهم مهمة هائلة تتمثل في غربلة كم هائل من المعلومات ليست واردة في وسائل الإعلام التقليدية فحسب وإنما أيضا عن طريق الشبكات الاجتماعية ومواقع التواصل.

الأمر الأكيد بالنسبة لهذا المؤرخ الفخور بانتمائه الفرنكوفوني هو أن المؤرخين في المستقبل سيستخلصون بأن أداء منظقة أكاديا في الشرق الكندي لم يكن سيئا للغاية إبان جائحة فيروس كورونا المستجد في عام 2020.

ويدافع فيليب باسك عن أداء حكومات المقاطعات الكندية الأطلسية إبان الجائحة يقول:

لدي انطباع بأن مؤرخي المستقبل لن يكونوا قاسين بحكمهم عندما سينظرون إلى مختلف التوصيات التي اتخذناها. فقد كان على السلطات التعامل مع الحياة اليومية في إدارتها للأزمة الصحية. ومما لا شك فيه أن الأمور ليست واضحة أو مفهومة للجميع، فأنا أيضا أشعر أحيانا بالحيرة في قراءة أو ترجمة ما يحدث. 

لا بدّ من الإشارة أخيرا إلى أنه لم يعد يوجد اليوم أي أثر أو معلم متبقٍ من وباء الانفلونزا الاسبانية في منطقة أكاديا. مما يجعل عمل المؤرخين أكثر صعوبة. وقد يرغب أمناء المحفوظات والأرشيف في الاحتفاظ بالمذكرات والرسائل، إذا استمر الناس في كتابتها، والأقنعة الواقية وزجاجات مطهر اليدين.

(المصدر: هيئة الإذاعة الكندية)

روابط ذات صلة:

ثلاثة قرون على وصول الأكاديّين إلى جزيرة برنس ادوارد

هل ترحيل الأكاديين في القرن الثامن عشر عملية إبادة جماعية؟

فئة:مجتمع
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.