لم يعد يسمح بتقديم أي من فنون العزف أو الغناء داخل محطات مترو الأنفاق في كندا بسبب الجائحة/الصحافة الكندية:PAUL CHIASSON

ماذا حلّ بموسيقيي الشوارع ومحطات الأنفاق في زمن كورونا؟

المعاناة بسبب وباء فيروس كورونا المستجد شملت أيضا موسيقيي وفناني الشوارع الذين كانوا في الأمس القريب يملأون بأصواتهم وموسيقاهم فضاءات كثيرة عبر أنحاء كندا. في الشارع وفي محطات قطار الأنفاق، كان رواد وسائل النقل المشترك يلتقونهم ويلقون عليهم التحية عبر بقشيش يغدقون به على من يستسيغون لحنه ونغمه أو صوته أو حتى ملامحه. ويحاول كل فنان أو فرقة فنية تقديم أفضل ما عندها مستعطفة أذواق المارة وركاب النقل المشترك. أجواء فرح يشيعها هؤلاء الفنانون في المكان الذي يجلسون فيه مقدمين فنهم مجانا ومن دون منّة لجمهور لم يقصد بالضرورة الاستماع إليهم. ولكن هذا الجمهور قد يقف مسمرا في مكانه للحظات عدة عند نغمة أو صوت يخترق كيانه وشعوره.

اليوم ومع استمرار الجائحة التي حالت دون اعتلاء هؤلاء الفنانين لمسارحهم البسيطة المعتادة، يفكر العديد منهم في تغيير المهنة والمسار.

يقول عازف الكمان من مدينة مونتريال في مقاطعة كيبيك كلود جيلينو، الذي يملك أكثر من 30 عاما من الخبرة في عالم الموسيقى، لمذياع هيئة الإذاعة الكندية:

مثل الكثيرين غيري، أتساءل عما إذا كنت سأستمر في العمل كموسيقي.

بالإضافة إلى اللعب على آلة الكمان في مترو الأنفاق، يكسب كلود جيلينو لقمة عيشه بفضل التعاقد لإحياء حفلات موسيقية يقدمها بمفرده أو مع الفرق الموسيقية في حفلات الأعراس والمناسبات الخاصة وفي المدارس ودور المسنين وغيرها. كان يُدرّس أيضا الموسيقى في إحدى المدارس في مدينة مونتريال ويشارك أحيانا في العزف على آلته مع فرق الاوركسترا والجوقات المختلفة.

للأسف توقف كل النشاط الموسيقي في حياة هذا الفنان منذ شهر آذار/مارس الماضي.

لم يعد هناك شيء منذ ذلك الوقت، لقد ألغي كل شيء، وعندما يلغى الحفل فأنت بالطبع لا تجني 

فلسا واحدا (كلود جيلينو).

المشهد في مونتريال قبل الجائحة حيث التفاعل والتجاوب بين فرقة من العازفين والمارة في شارع سانت-كاترين في وسط المدينة، المخصص في الصيف للمشاة/راديو كندا

عندما خسر الفنان المونتريالي كل العقود الفنية بسبب الجائحة، فهو لم يجد الكثير من الخيارات أمامه خصوصا أن العزف ممنوع في مترو الأنفاق وفي الأماكن العامة وفي الشوارع. علما أنه بمطلق الأحوال لم يكن يؤم الناس تلك الأماكن وكانت مقفرة في الشهور الأخيرة منذ بداية الوباء. 

لقد كنت حبيس منزلي طيلة الوقت على غرار جميع الكنديين.

هذا وليستطيع الفنان الكندي، الحائز على ماجستير في الأداء الموسيقي من جامعة مونتريال، تسديد أجرة سكنه ومصاريفه الأخرى، التجأ إلى المساعدة الكندية الطارئة التي سمحت له بالحصول على 2000$ في الشهر الواحد.

تجدر الإشارة إلى أنه عند بدء فصل الصيف المنصرم وبعد ربيع صعب مرّ عليهم، سمحت مدينة مونتريال لمن يملك التصاريح من الفنانين بالعودة إلى الشارع في حي "مونتريال القديمة" وتقديم العروض والنمر الفنية المختلفة.

ولكن مع ذلك لم تكن الغلّة "حرزانة" كما يقول كلود جيلينو.

عازف التشيلو المونتريالي يو-يو ما يعزف في إحدى محطات قطار الأنفاق في مدينة مونتريال/راديو كندا

في العادة، هذا القطاع يعود علينا بربح وفير، ولكن كان للجائحة تأثيرها على تبرعات المارة والنقود التي يغدقون بها عادة علينا.

الصيف المنصرم كان هناك عدد أقل من الناس الذين توافدوا على المدينة كذلك كان هناك عدد أقل من السياح في المدينة. وانعكس هذا الأمر على القيمة الإجمالية للنقود التي جمعتها.

وقد سُمح للموسيقيين بالعزف في أزقة مونتريال القديمة من شهر تموز/يوليو ولغاية تشرين الأول/أكتوبر، ولكن بلدية مونتريال قامت بإغلاق نظام حجز الأماكن والأرصفة من قبل الفنانين خلال فصل الخريف.

وتجدر الإشارة إلى أنه في حي مونتريال القديمة كما في مترو الأنفاق، يجب على الفنان أن يحجز وقته وجدوله للعزف في الأماكن الأكثر شعبية. ويطلب منه في بعض الأحيان تقديم نموذج عن فنه للجنة خاصة كشرط لقبول طلبه وإعطائه الترخيص ليؤدي العروض الفنية في الأماكن العامة. 

بعد أن توقف عازف الكمان المونتريالي عن تلقي المساعدة من الحكومة الفدرالية، كان عليه الاكتفاء بالعقود النادرة التي تمكن من العثور عليها من أجل الاستمرار بتأمين لقمة عيشه مثل إحياء وصلات موسيقية على كمنجته داخل مراكز للمسنين والمشاركة في تقديم الموسيقى الجنائزية في المآتم.

يؤكد جيلينو بأن عليه العثور على وظيفة جديدة في غضون شهرين أو ثلاثة إذا لم يتحسن الوضع.

ويخلص إلى القول: إن الموسيقى في الوقت الحالي ليست كافية كباب للرزق.

في سياق متصل، يشير الموقع الإلكتروني لمؤسسة النقل العام في مدينة مونتريال (STM) إلى أن العروض الموسيقية محظورة في محطات قطار الأنفاق حتى إشعار آخر نظرا إلى استمرار الجائحة وخطر الإصابة بها.

(المصدر: الصحافة الكندية، هيئة الإذاعة الكندية)

روابط ذات صلة:

العروض الرقمية والفن الهجين لما بعد الكورونا

المحبة لا تعرف عمقها إلا ساعة الفراق

سينما الهواء الطلق في كندا تتحوّل إلى مسارح للدراغ كوينز في زمن الكورونا

فئة:مجتمع
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.