الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن مخاطباً مواطنيه من أمام نصب أبراهام لينكولن التذكاري في واشنطن في احتفال افتراضي أمس بعد أدائه اليمين الدستورية (Joshua Roberts / Getty Images / AFP)

هل ينجح بايدن في إعادة توحيد الولايات المتحدة؟

شكّلت مراسم تنصيب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن أمس تناقضاً صارخاً مع الأسابيع الأخيرة التي عاشتها الولايات المتحدة والتي حفلت بالفوضى والاضطرابات وانتهت "بذاك التمرّد وذاك الهجوم على مبنى الكابيتول"، مقرّ الكونغرس في واشنطن، من قبل مناصرين هائجين لرئيس أميركي خارج فعلَ كلّ شيء لإثارة كراهيتهم للمؤسسات الحكومية، كتب فريديريك أرنولد في تحليل على موقع راديو كندا.

ويضيف أرنولد، وهو خبير بالشؤون الأميركية وكان مراسلاً لراديو كندا في واشنطن، أنّ الرئيس الأميركي الخارج دونالد ترامب نجح بتوجيه ضربة قاسية إلى مصداقية العملية الانتخابية من خلال إدعاءاته المتواصلة، غير المدعومة بأدلة، عن حصول أعمال تزوير واسعة النطاق في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي تنافس فيها مع المرشح الديمقراطي جو بايد.

وبالتالي ستكون مهمة الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة ضخمة على صعيد وضع الأمور في نصابها في تاريخ بلاده.

وبايدن دخل البيت الأبيض أمس بحمل ثقيل على كاهليه، فبلاده تعاني انقساماً عميقاً على الصعيد الاجتماعي السياسي فيما هي في خضمّ أزمة اقتصادية وفي عزّ جائحة "كوفيد - 19".

الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن مؤدياً أمس في واشنطن اليمين الدستورية على الكتاب المقدَّس الخاص بعائلته والذي تحمله زوجته جيل (Saul Loeb / Pool Photo via AP)

ويرى أرنولد أنّ مضمون الخطاب الذي ألقاه بايدن أمس بعد أدائه اليمين الدستورية يُبشر بالعودة إلى صورة أكثر توحيداً لبلاده، إلى صورةٍ تجمع أكثر وتعكس في الوقت نفسه الاحترام واللياقة وآداب السلوك بعد أربع سنوات حافلة بالذمّ والاستفزاز من حكم الرئيس ترامب.

لكنّ خروج ترامب من السلطة لا يضمن مطلقاً أن تدوم عودة لياقة أميركية معينة. فأهمية دور ترامب داخل الحزب الجمهوري، بالرغم من تراجعها بعد "تمرّد السادس من كانون الثاني (يناير)"، تتيح للرئيس السابق أن يواصل التأثير على حزبٍ سيطر هو على جدول أعماله السياسي، مع ما يعني ذلك من مخاطر لحزب أبراهام لينكولن، يقول أرنورد. يُذكر هنا أنّ لينكولن هو أول رئيس جمهوري في تاريخ الولايات المتحدة.

لكن يبقى أنّ بين الـ74 مليون ناخب أميركي الذين اقترعوا لصالح ترامب في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت هناك عددٌ كبير يعتبرون أنفسهم من أتباع "الترامبية"، أي الخط السياسي الذي أرساه ترامب، وبمفاهيمها الأكثر تشدداً في الكثير من الأمور. وهناك ممثلون عن الحزب الجمهوري يودّون استغلال هذا الأمر من أجل التموضع بحلول عام 2024، لاسيما إذا ما ظلّت "الماركة التجارية" لترامب تتلطّخ حتى ذاك الحين، يقول أرنولد.

نائبة الرئيس الأميركي الجديدة كمالا هاريس مؤدية أمس في واشنطن اليمين الدستورية على الكتاب المقدَّس الذي يحمله زوجها دوغ إمهوف (Saul Loeb / Pool Photo via AP)

ويذكّر أرنولد بأنّ الرئيس الأميركي السابق سيواجه قريباً جداً محاكمة ثانية في مجلس الشيوخ. وإذا كانت نتيجة المحاكمة غير معروفة بعد، فالمحاكمة بحدّ ذاتها ستزيد الانقسامات داخل الحزب الجمهوري.

فبعض أعضاء الحزب الجمهوري سيرغبون بالتمايز عن ترامب وسيصوتون ضدّه، فيما سيرى آخرون في المحاكمة فرصة ليجذبوا إليهم قسماً من مناصري الترامبية وسيصوتون بالتالي ضدّ إدانة الرئيس السابق.

يُذكر أنّ مجلس النواب الأميركي وافق بغالبية أعضائه في 13 كانون الثاني (يناير) الجاري على توجيه اتهام لترامب بـ"التحريض على التمرّد" على خلفية اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول قبل أسبوع على ذلك، وبعزله من منصبه.

وهذه المعركة القريبة في مجلس الشيوخ ستسلّط الأضواء على الخلافات الإيديولوجية بين الجمهوريين والديمقراطيين في بداية رئاسة بايدن، وهي رئاسة من شبه المؤكَّد أنها ليست متحمسة للمحاكمة، يرى أرنولد.

وسيسعى بايدن بشتى الوسائل لإعادة تلميع صورة الولايات المتحدة حول العام، لكنّ حرب الخنادق الأيديولوجية بين من يريدون إدانة ترامب ومن يدافعون عنه، مع كلّ ما ينجم عنها من استقطاب في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لن تعطي صورة جميلة.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب (أرشيف) / Evan Vucci / AP

ويُذكّر أرنولد بأنّ الانتخابات في الولايات المتحدة مسيرةٌ مستمرّة. فلا تكاد البلاد تخرج من انتخابات رئاسية حتى تبدأ استعدادات الساسة للانتخابات النصفية التي، كما يُستدلّ من اسمها، تجري منتصف الولاية الرئاسية، أي بعد سنتيْن من الآن.

ويتمّ في هذه الانتخابات النصفية تجديد جميع مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 وتجديد ثلث المقاعد الـ100 في مجلس الشيوخ، كما تتضمن انتخاب سكان 34 من ولايات البلاد الـ50 حكّامَ ولاياتهم.

ومع تمتع الديمقراطيين بأغلبية بسيطة في مجلسيْ النواب والشيوخ، يُدرك بايدن وإدارته وحزبه الديمقراطي أنّ ليس أمامهم الكثير من الوقت لإقناع الناخبين بتجديد الثقة بهم، يرى أرنولد.

وبالتالي على جو بايدن عدم الاكتفاء بالأثر الطيّب الذي زرعه في أنفس شريحة واسعة من الأميركيين، إذ يتعيّن على إدارته اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنعاش الاقتصاد والحدّ من انتشار جائحة "كوفيد - 19" وإزالة الشكوك لدى الكثيرين الذين لا يزالون مقتنعين بأنّ الانتخابات الرئاسية الأخيرة لم تكن نزيهة.

(راديو كندا / راديو كندا الدولي)

روابط ذات صلة:

ترودو وزعماء المعارضة يهنّئون الرئيس الأميركي جو بايدن

اقتحام الكونغرس الأميركي يثير مشاعر الحزن والصدمة في كندا

الانتخابات النصفية الأميركية استفتاء على سياسات دونالد ترامب

فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.