يُقلق وصولُ متحوّرات فيروس كورونا إلى كندا الدكتورة مُنى نمر، كبيرةَ المستشارين العلميين لرئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو.
"إنه أمر مقلق. سباقنا ضدّ المرض والمتحوّرات يتزامن مع إطلاقنا حملة التلقيح" ضدّ وباء "كوفيد - 19"، تقول الدكتورة نمر في مقابلة مع تلفزيون راديو كندا، مضيفةً "وعدمُ سيطرتنا على الوضع بسرعة يمكن أن يسهّل تطوّر متحوّراتٍ ستفلت من مفعول اللقاح".
وتنصح مُنى نمر ببذل مزيد من الجهود من أجل كشف المتحوّرات الجديدة من فيروس كورونا التي قد تصبح مع الوقت أكثر انتشاراً.
وهي تحثّ السلطات على القيام بالمزيد في مجال متابعة تسلسل الفيروس وتشخيصه، "لاسيما في الأماكن التي يتفشى فيها، كما هي الحال على الحدود".
"المتحوّر البريطاني أكثر عدوى بكثير، وبالتالي قد يسجّل منحنى الإصابات ارتفاعاً قوياً وسريعاً"، تقول الدكتورة نمر.

رئيس الحكومة الفدرالية جوستان ترودو مجيباً أمس على سؤال في مجلس العموم في أوتاوا (Adrian Wyld / CP)
وتفيد دراسة نُشرت في 24 كانون الأول (ديسمبر) الفائت أنّ المتحوّر البريطاني، الذي يُدعى كذلك بسبب اكتشافه في المملكة المتحدة، هو أكثر عدوى بنسبة تتراوح بين 50% و74% من "فيروس كورونا 2 المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة" (المعروف إعلامياً بفيروس كورونا المستجدّ) المتسبِّب بوباء "كوفيد - 19" الذي ظهر للمرة الأولى في الصين أواخر عام 2019 والذي صنّفته منظمة الصحة العالمية "جائحة عالمية" في 11 آذار (مارس) 2020.
ومتحوّرات الفيروس هي أحد الأسباب التي حثّت رئيس الحكومة الكندية على تشديد القيود على السفر غير الضروري.
فالكنديون العائدون إلى بلادهم باتوا مُلزَمين بالخضوع لاختبار كشف عن الإصابة بداء "كوفيد - 19" فور وصولهم إلى أحد المطارات الدولية الأربعة التي لا تزال تعمل، وهي من شرق البلاد إلى غربها مونتريال وتورونتو وكالغاري وفانكوفر.
وبانتظار نتيجة الاختبار على المسافر العائد أن يلزم الحجر الصحي في فندق تحدده له الحكومة. ويتحمّل هذا الشخص نفقات الاختبار والإقامة في الفندق التي قدّرها رئيس الحكومة بنحو 2000 دولار.

مسافر عائد إلى مطار بيار إليوت ترودو الدولي في مونتريال، كبرى مدن مقاطعة كيبيك (أرشيف) (Graham Hughes / CP)
ومن جهتها تقول شركة "موديرنا" وشركتا "فايز" و"بيونتيك" إنّ من المفترض أن يكون اللقاحان اللذان أنتجتهما فعّاليْن ضدّ متحوّرات فيروس كورونا المعروفة حالياً.
وكي يوفّر اللقاحان الفعّالية القصوى يجب أن يُعطيا على جرعتيْن يفصل بينها فارق لا يزيد عن أربعة أسابيع للقاح "موديرنا" الأميركية وعن ثلاثة أسابيع للّقاح الذي تنتجه "فايز" الأميركية بالتعاون مع "بيونتيك" الألمانية.
وترى مُنى نمر أنّ استراتيجية تأخير إعطاء الجرعة الثانية من اللقاح قد تتسبّب بظهور متحوّرات. فالأشخاص الذين يتلقون الجرعة الأولى يكتسبون مناعة جزئية، لاسيما إذا كان نظام المناعة لديهم غير قوي.
"بالتالي نجد أنفسنا أمام فيروس ينتشر في أماكن يتواجد فيها أشخاص ذو مناعة جزئية. وبهذا الشكل تقريباً بدأنا بإيجاد المتحوّريْن البريطاني والجنوب افريقي"، تشرح الدكتورة نمر، اللبنانية المولد والبروفيسورة السابقة في علم الأدوية في جامعة مونتريال وفي الكيمياء الحيوية في كلية الطب في جامعة أوتاوا.

عاملة الصحّة أنيتا كويدانجين كانت أوّل شخص يتلقّى لقاح "فايزر / بيونتيك" ضدّ وباء "كوفيد - 19" في مقاطعة أونتاريو، وذلك في 14 كانون الأول (ديسمبر) 2020 / Frank Gunn / CP
وتوصي الحكومة الفدرالية بألّا يتخطى الفارق الزمني بين جرعتيْ اللقاح ستة أسابيع. أمّا سلطات مقاطعة كيبيك فقرّرت إطالة هذا الفارق إلى 90 يوماً كحدٍّ أقصى بهدف إعطاء الجرعة الأولى إلى أكبر عدد ممكن من الناس، لاسيما في ظلّ التأخير الحاصل في استلام سلطات الصحة العامة في كندا والمقاطعات الأعداد المطلوبة من الجرعات.
لكنّ الدكتورة نمر تبدي شكوكاً حول صوابية قرار كيبيك، ثانية كبريات مقاطعات كندا من حيث عدد السكان (نحو 8,58 ملايين نسمة).
"إنها المرة الأولى التي نستخدم فيها لقاحات تعتمد على الحمض النووي الريبي، لذا لا نعرف في الحقيقة نوعية الاستجابة المناعية التي تولّدها"، تقول كبيرة المستشارين العلميين لرئيس الحكومة الكندية، "وإذا أردنا الحصول على النتائج الشديدة الفعّالية التي تمّ تبيانها، يجب اتّباع البروتوكول (الجدول اللقاحي) وتجنّب الابتكار".

مُمرّضة تأخذ عيّنة أنفية في إطار اختبار كشف الإصابة بفيروس كورونا المستجدّ المسبّب لداء "كوفيد - 19" (Erik White / CBC)
وترى الدكتورة نمر أنّ الحكومات لم تتوقّع موجة ثانية من الجائحة بالحجم الذي نراه حالياً، فتجاوزَها تطوّر الفيروس. "قد نكون وقعنا بعض الشيء في التفكير السحري"، تقول نمر.
"اعتقدنا أنّ الجائحة باتت وراءنا وأننا سيطرنا على الوضع. لم نكن في الحقيقة محقّين في التفكير بهذا الشكل فيما كان الفيروس لا يزال منتشراً في أوساطنا"، توضح مُنى نمر.
وترى الدكتورة نمر أنّ ثغرات اعترت استراتيجية الكشف عن الإصابات بالوباء، وأنّ هذا ما منع السلطات من السيطرة على الجائحة.
"لم نُرسِ نظام كشف صلباً بما فيه الكفاية ليكشف بسرعة الإشارات الأولى لظهورٍ جديد (للوباء)، أكان ذلك في مراكز الرعاية الطويلة الأمد أو في أماكن العمل"، تقول كبيرة المستشارين العلميين لرئيس الحكومة الكندية، "وابتداءً من اللحظة التي لا نعود فيها قادرين على تعقّب مسار الأشخاص المصابين (بالفيروس) نكون قد خسرنا المعركة".
(راديو كندا / أ ف ب / راديو كندا الدولي)
روابط ذات صلة:
بدء الاختبارات الإلزامية للكشف عن الإصابة بـ"كوفيد - 19" في مطار بيرسون في تورونتو لجميع القادمين
ترودو يعلن تدابير صارمة في مطارات البلاد والقادمون يتكبدون النفقات
دراسة معهد أمراض القلب عن الكولشيسين و"كوفيد - 19": الأطباء والصيادلة مدعوّون للحذر
جائحة "كوفيد - 19": حملة تطعيم واسعة النطاق من ثلاث مراحل في أونتاريو
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.