في باحة الجمعية الوطنية في مدينة كيبيك عاصمة مقاطعة كيبيك، شاهدنا بالأمس في الذكرى السنوية الأولى لجائحة كوفيد-19، رئيس الحكومة فرنسوا لوغو ترافقه زوجته، في وضع إكليل زهور تكريما ووفاء لجميع ضحايا الوباء في كيبيك الذين يربو عددهم على الـ 500 10/ الصحافة الكندية:JACQUES BOISSINOT

قلوب تبكي تلك الأرواح التي خطفها الوباء وشهادات تدمي القلوب لذوي الضحايا

حصد الوباء العديد من الأرواح، والمفجع في هذا الموت "أنه وحش ظالم، خال من الإنسانية" لأنه لم يسمح بوداع الأحبة. أولئك ذهبوا وحدهم من دون تشييع أو جنازة، أو بوجود قلة حول نعشهم، في حين كان لهم بالأمس القريب عزوة وأهل وأحبة كثر. 

الشهادات مؤلمة لأهالي ضحايا الوباء بعد عام على اقتحامه كوكب الأرض بأسره، وفي كيبيك تبكي أكثر من 500 10 عائلة فقيدا غيّبه الوباء قبل الآوان.

لقد غيّر الوباء علاقة الإنسان بالموت والفجيعة. في العادة، يحتاج المحزون إلى أن يعيش فترة الحداد ويتلقى التعزية من المقرّبين، ولكن تدابير الوقاية الصحية المفروضة منعت ذلك. وقد زاد الحداد الذي لم يكتمل من وجع الناس، زادهم آلاما وأحزانا وأسىً ولوعة.

فهذا الذي يبكي حرقة الفراق لرحيل مبّكر وذاك الذي يتحدث عن انشطار قلبه، عندما ودّع أمه على فراش الموت عبر أتصال فيديو مباشر، حيث رافقها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة. قام هذا الابن بالاتصال بكل أفراد أسرة الأم ليتسنى للجميع وداعها. 

يقول ستيفان لوفيفر من مدينة غاتينو في مقاطعة كيبيك، المتاخمة للعاصمة الكندية أوتاوا:

تنتفي صفة الإنسانية في حداد لا نعيشه بعد فقدان الأحبة. إلى اليوم، لم نستطع بعد أن نلتقي وأن يعزّي أحدنا الآخر على فاجعة موت والدتي. لم نقم لها الطقوس ومراسيم الجنازة.

إن أمي تستحق أكثر من ذلك، وباء غدّار "لا إنساني".

النائب السابق والمحامي الكيبيكي ستيفان بيدار فقد أيضا والده بسبب جائحة كوفيد-19، وزير العدل السابق في مقاطعة كيبيك مار-أندريه بيدار عن عمر يناهز الـ 85 عاما. 

توفي بيدار الأب في مستشفى شيكوتيمي حتى من دون أن يوّدع ابنه. يقول هذا الأخير لمذياع هيئة الإذاعة الكندية:

ما اختبرناه ليس شيئًا مميزاً، إذ كان قاسما مشتركا مع العديد غيرنا ليس في كندا فحسب، بل في الكون بأسره. هذا الوباء يشبه سقوط عدة طائرات في الوقت ذاته. إنها تسقط بشكل خفي غير متوقع والاصطدام فيما بينها يأتي سريعا من دون حتى أن تشعر بالتقاط أنفاسك. إنك تعيش مغامرة سيئة مثل حادثة اصطدام تماما.

"خصوصيات الحزن الوبائي"

في تحليلها لخاصية الحزن في زمن كورونا، تقول الباحثة واستاذة علم النفس في جامعة كيبيك في مدينة مونتريال ميلاني فاشون، من دون مرافقة أو وداع، من دون أحضان أو تعازي، هكذا كان على آلاف العائلات الكندية الحداد على أحبائهم الذين ماتوا بسبب الجائحة. إنه حزن معقد ومؤلم ، وفقًا للباحثة ميلاني فاشون ، التي تدرس خصوصيات "الحزن الوبائي".

نقلت المتحدثة الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تمثلها فجيعة الموت أثناء الوباء في حديث إلى برنامج خاص بثه تلفزيون هيئة الإذاعة الكندية في الذكرى السنوية الأولى (11 مارس) لإعلان منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا المستجد جائحة عالمية.

استاذة علم النفس في جامعة كيبيك في مونتريال خلال استضافتها في برنامج "حياة أخرى" لمناسبة الذكرى السنوية الأولى للجائحة، مع الزميلة في تلفزيون هيئة الإذاعة الكندية سيلين غاليبو/ راديو كندا:IVANOH DEMERS

منذ شهر نيسان/أبريل الماضي، تتابع الطبيبة النفسية نحو ثلاثين شخصًا ثكلا ممن لم يتمكنوا من مرافقة أحبائهم في لحظاتهم الأخيرة أو ممن عانوا تجربة الطقوس المرتبطة بتأبين الميت وجنازته إبان الجائحة. تقول:

الحداد الوبائي لا يشبه حالات الحداد الأخرى. إنه حداد ليس له بداية كما ليس له نهاية حقا. لم نرى الجثمان ولم نرافق أحبائنا إلى مثواهم الأخير. العديد من أهالي ضحايا كوفيد تلقوا رماد الجثامين بعد عدة أيام. لم يتمكنوا من إلقاء التحية الأخيرة، لم تصافحهم الأيادي المعزّية أو تعانقهم الأذرع، لقد حال الوباء دون أداء الطقوس الخاصة بالحداد.  

هذه كلها لحظات مهمة، تسمح عادةً ببدء عملية الحزن، والتي لم يكن من الممكن أن يمر بها هؤلاء الأشخاص الثكلى بسبب القيود الصحية.

"تهميش الحداد"

تأسف الأخصائية في علم النفس لـ "تهميش الحداد" والتقليل من شأنه في هذه الفترة غير المسبوقة التي تعيشها البشرية، تقول:

كان هناك جائحة من الحداد، فقد مات الآلاف، ربما كان البعض في نهاية عمره، لكن الطريقة التي ماتوا بها هي التي تهّم. العبور إلى الضفة الأخرى يستحق مواكبة مهيبة، ولكن ما فرضه الوباء علينا، أمر محزن للغاية.

موتى الوباء لم يتركوا أحبتهم وذويهم تأكلهم الحسرة والندم والذنب فحسب، بل أكثر من ذلك، فقد ترك هذا الفراق في نفوس الأحبة أيضا، شعورا بالظلم والمرارة.

(المصدر: هيئة الإذاعة الكندية)

روابط ذات صلة:

كندا تكرّم ضحايا كوفيد-19 في الذكرى الأولى على إعلان الفيروس جائحة عالميّة

الأقليات العرقية في كندا أكثر عرضة للموت بسبب الفيروس التاجي

دول أوروبية تعلّق استخدام أسترازينيكا في الوقت الذي تتسلم فيه كندا المزيد

فئة:مجتمع
كلمات مفتاحية:، ، ، ، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.