أثارت جائحة فيروس كورونا المستجدّ وما تبعها من إجراءات إغلاق وعزل وتباعد قلق الأخصائيّين الذين يتخوّفون من تداعياتها على الصحّة النفسيّة.
ويرتفع القلق بعد سنة على الإغلاق، وفي ظلّ ما يثار عن موجة ثالثة من الفيروس، قد تدفع بالسلطات إلى اتّخاذ المزيد من الإجراءات الصارمة والمتشدّدة.
وأصبحت بالفعل بعض المناطق في عدد من المقاطعات الكنديّة مصنّفة حمراء، أي في حالة التنبيه القصوى من الفيروس، مع ما يستتبع ذلك من قيود وقائيّة إضافيّة.
ويدعو علماء النفس إلى الاستعداد نفسيّا لما يسمّونه "المرحلة الأخيرة من امتداد الفيروس، من خلال القيام بعدد من الأمور البسيطة.
ويقول عالم النفس ستيف جوردِنز إنّ الموجة الثالثة تشكّل صفعة قويّة، لا سيّما أنّ الموجة الثانية أثّرت في الكثير من الأشخاص الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن مواجهتها.
"اعتدت أن أتوقّع، في حال حدوث موجة ثالثة من الفيروس، أن تكون أسوأ بكثير من ضربة استنزاف": عالم النفس ستيف جوردِنز.
وجاء كلامه بعد أن دخلت العاصمة الفدراليّة أوتاوا مرحلة التنبيه القصوى من الفيروس عقب ارتفاع عدد حالات كوفيد-19.
وقالت د. فيرا إتشيس، رئيسة الخدمات الطبيّة في أوتاوا إنّ انتشار العدوى خرج عن السيطرة، وكان لا بدّ من رفع مستوى التنبيه إلى حدّه الأقصى.
وقالت مجموعة من المستشارين العلميّين حول كوفيد-19 لدى حكومة أونتاريو، إنّ المقاطعة دخلت الموجة الثالثة مع انتشار حالات من السلالة المتحوّرة.
ويشرح عالم النفس ستيف جوردِنز التداعيات النفسيّة من خلال نظريّة "العجز المكتسب"، التي من خلالها يقبل الحيوان الذي يواجه الحواجز عجزه أمامها، ويتوقّف عن محاولة التغلّب على الأوضاع الصعبة.
"يبدأ الشعور بأنّ لا شيء يمكننا أن نقوم به كفيل بأن يغيّر من حدوث الأمر السيّء. وفي كلّ مرّة نحاول أن نتخطّى هذا الفيروس من خلال حُسن التصرّف ونُخفق في ذلك، يبدو الأمر وكأنّنا نعجز عن تخطّي الحاجز. والمقلق أنّ الناس سيتوقّفون عن تكرار المحاولة في وقت من الأوقات": عالم النفس ستيف جوردِنز.
وتختلف الموجة الثالثة عن سابقاتها بفضل اللقاح المضادّ للفيروس، وهو ما ينبغي التركيز عليه حسب قوله.
وفي حال التزم الناس سلوكا صحيّا سليما، يكون من الممكن تجنّب المزيد من حالات الوفاة في ظلّ اللقاح كما قال عالم النفس ستيف جوردِنز.
"هذا يغيّر كلّ شيء. إنّه طريق الهروب البديل الذي يعطينا القدرة النفسيّة على تحمّل الموجة الثالثة": عالم النفس ستيف جوردِنز.
ويحذّر بيتر ليو، عالم النفس من أوتاوا، من الإيجابيّة السامّة، التي تؤدّي إلى حالة شديدة من القلق والاكتئاب.
وإذ يؤكّد على أهميّة رؤية الوجه المشرق للأمور، يرى أنّ البعض يبالغون في ذلك.
ويرى أنّ الإيجابيّة السامّة تبدأ عندما نسعى لإبعاد المشاعر السلبيّة بهدف الحفاظ على حالة من السعادة.
و من المضرّ كما يقول بيتر ليو، مقارنة المعاناة الشخصيّة بالتحدّيات الكبيرة التي يواجهها أشخاص آخرون .
وتقول شيريل هاراسيمشوك اخصائيّة علم العلاقات في جامعة كارلتون في أوتاوا، إنّ وسائل التواصل الاجتماعي تساعد في تجاوز الموجة الثالثة من الفيروس.
وتدعو إلى عدم الإفراط في التوقّعات والاستعداد لمواجهة تحدّيات جديدة.
يبقى القول إنّ الصدمة النفسيّة التي تسبّبت بها جائحة فيروس كورونا المستجدّ على مستوى العالم قد تكون غير مسبوقة، وقد تستمرّ آثارها حتّى في مرحلة ما بعد الجائحة حسب قول العديد من الخبراء.
(سي بي سي/ راديو كندا الدولي)
روابط ذات صلة:
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.