سكان كندا الأصليون: رحلة في التاريخ والزمن

29/05/2017
اعداد مي أبو صعب
  • inuits-fetecanada_sn635

السكان  الأصليون، الأمم الأوائل ، الشعوب الأصليّة  مجموعة من التسميات تطلق للتعريف بقبائل الشمال الأميركي التي سماها المستكشفون الأوروبيون بالهنود الحمر يوم وصلوا إلى هنا في أواخر القرن الخامس عشر.

وتعود تسمية الهنود الحمر إلى خطأ ارتكبه البحارة والمستكشف الإيطالي كريستوف كولومبوس الذي اعتقد أنه بلغ سواحل الهند الشرقيّة.

وأيا تكن التسمية فلقبائل الشمال الأميركي تاريخها ولغاتها وعاداتها وطقوسها وحضارتها الغنيّة. وهي تسعى للحفاظ عليها وحمايتها من الاندثار.

للتعرّف إلى البعد الجيوسياسي لهذه القبائل في أميركا الشماليّة وكندا وإلقاء الضوء على تاريخ الأمم الأوائل أجرى الصحافي في القسم الفرنسي في راديو كندا الدولي ريمون ديمارتو مقابلة مع عالم الانثروبولوجيا والصحافي سيرج بوشار.

يتحدّث بوشار وهو ايضا صحافي مخضرم في هيئة الإذاعة الكنديّة عن نظرة المستعمرين الأوروبيين  إلى قبائل السكان الأصليين . ويقول إنهم صوّروهم على أنهم قبائل غير منظّمة ليس لها مقومات دولة وتعيش كالوحوش الرحّل. ولكن ذلك غير صحيح يقول بوشار ويضيف:

التقى المستكشفون عبر الزمن والمساحات بمجتمعات منظّمة مرتبطة بالأرض ولها هويتها الإتنيّة . وقد ضاعت من الذاكرة تلك الصورة عن السكان الأصليين يقول  سيرج بوشار.

ويشير إلى الفترة الممتدة ما بين عامي 1500 و1550 التي وصل خلالها المستكشف جاك كارتييه إلى المنطقة التي عرفت فيما بعد بفرنسا الجديدة والتي كانت تعرف بمنطقة « الأكادي » .

ويشير إلى أن المستعمرين الانكليز والاسبان والبرتغاليين والفرنسيين تقاسموا القارة الأميركيّة وتلاهم الهولنديون الذين وصلوا إلى منطقة نيويورك التي عرفت باسم امستردام الجديدة.

وأما الفرنسيون فدخلوا الجزء الشمالي القارس البرد يقول سيرج بوشار عبر خليج السان لوران. ووصل أيضا الانكليز  ويتابع:

وصل البرتغاليون العام 1502. والقى المستكشف كورتي ريال القبض على 60 شخصا من أبناء إحدى القبائل ، قد تكون قبيلة « إينو » او قبيلة « بيوتوك » من نيو فاوند لاند. والعدد كبير بالطبع .

وحدث ذلك في خضم تجارة الرق وتم بيع هؤلاء لأشخاص في اوروبا.

Totem2
© ايستوك

وبعد ذلك بثلاثين سنة وصل المستكشف جاك كارتييه والتقى اول ما التقى بقبيلة البيوتوك في نيو فاوندلاند. وينتمي البيوتوك إلى القبيلة الأكبر المسمّاة « الغونكين« .

واندثرت قبيلة البيوتوك مع وفاة آخر افرادها وكانت فتاة توفيت  في العام 1829.

ويتابع بوشار مشيرا إلى وصول جاك كارتييه فيقول:

لم يلتق جاك كارتييه بقبائل الاسكيمو ولكنه التقى بالدببة القطبيّة لأنه وصل من أقصى الشمال من منطقة لابرادور. والتقى بقبائل « إينو مونتانييه » . وحاول هؤلاء اجتذابه من خلال إشعال النيران وإرسال الإشارات ورفع فراء الحيوانات على قضبان. و لكن كارتييه لم يتجاوب معهم ولم يوقف مراكبه بل تابع طريقه لأنه كان يخشى كثيرا السكان الأصليين .

وأكمل كارتييه طريقه عبر خليج السان لوران ليلتقي هذه المرة بقبيلة « ميكماك« . ومرة أخرى رفض كارتييه الاقتراب من أفراد القبيلة ولم يسمح لهم بالصعود إلى القوارب المرافقة له.

واما القبيلة الرابعة التي التقاها كارتييه ولاحظ فورا أنها مختلفة عن سواها حسبما دوّن في اوراقه فكانت قبيلة « إيروكوا ».

indiens
© PC/Liam Richards

وهذه القبيلة جاءت من بلاد اسمها كندا و كانت تتألف يومها من مدينة كيبيك الحاليّة . وكلمة كندا تعني بلغتهم قرية الأكواخ.

ودوّن كارتييه في أوراقه للمرة الأولى تعبير « كندي » على اثر اللقاء بهذه القبيلة كما يقول عالم الانثروبولوجيا سيرج بوشار.

وكان أبناء القبيلة  مستقرّين في قرى منظّمة و مليئة بالأكواخ  خلافا لقبائل أخرى مثل الإيروكوا التي كانت من الرّحل وتعيش في خيم مصنوعة من جلد الحيوانات. ويضيف سيرج بوشار بالقول:

التقى جاك كارتييه في العام التالي شعوب الإيروكوا الكندية تلك التي تعيش في قرى في كيبيك ، كما أنه سيلتقي بعدها بقبيلة « هوشلاغا » التي تعني مونتريال.

ويشير سيرج بوشار إلى أن رحلات المستكشفين بمن فيهم جاك كارتييه لم تكن شبيهة بنزهة بل كانت شاقّة ومحفوفة بالمخاطر.  وكان على المشاركين فيها مواجهة الطقس الشديد البرودة . وكان التواصل مع قبائل السكان الأصليين صعبا جدا في بداياته. أضف إلى ذلك انعدام الثقة بين المستكشفين و السكان الأصليين والأمراض التي فتكت بهم وقضت على أعداد كبيرة منهم.

لكن حركة التاريخ استمرّت يقول سيرج بوشار خاتما  وأمكن للسكان الأصليين التعرّف إلى من يسمّونه « الرجل الأبيض » الذي يختلف تماما عنهم بلونه ولباسه وتصرفاته.

حول

بدأت العمل في القسم العربي منذ العام 1991
حائزة على إجازة في الفلسفة من الجامعة اللبنانية في بيروت
مارست التدريس في لبنان من العام 1997 إلى العام 1990

اترك تعليق