مجموعات السكان الأصليين: قبائل الاينويت « اكلة اللحوم النيئة »

29/05/2017
اعداد مي أبو صعب
  • inuit_sn635

 

سكان كندا الأصليون الذين كانوا يعرفون بهنود أميركا الشماليّة هم في الواقع مجموعات لغويّة وثقافيّة متنوعّة ومختلفة عن بعضها البعض كانت لها خصوصياتها قبل وصول المستكشفين الأوروبيين مطلع القرن السادس عشر إلى سواحل الشمال الأميركي.

الصحافي في راديو كندا الدولي ريمون ديمارتو يسعى للتعريف بهذه المجموعات من خلال مقابلة اجراها مع الصحافي وعالم الانثروبولوجيا سيرج بوشار الذي يتحدّث عن عالم قائم بحدّ ذاته يضم مجموعات مختلفة كانت تعد بعشرات الآلاف قبل وصول المستكشف الأوروبي .

ويتحدّث بوشار عن تسع قبائل تضم مجموعات ثقافيّة ولغويّة عديدة من بينها قبائل الاينويت التي تعيش في أقصى الشمال القطبي الساحر بطبيعته الصحراويّة الباردة  وغابات التوندرا وهي نباتات الدائرة القطبيّة والعواصف الثلجيّة التي تميّز هذه المنطقة من العالم كما يقول سيرج بوشار الذي يضيف:

يعيش في الدائرة القطبيّة شعب خبير بأحوال هذه المنطقة ،وقد اتاحت له خبرته العيش والازدهار في ظروف مناخيّة غاية في الصعوبة كما هو معروف عن هذا الجزء من العالم.

وقبائل الاينويت التي كانت تعرف بالاسكيمو تسحر الثقافة العالميّة منذ 150 سنة. وقد نجحت في الحفاظ على طرق عيشها وتقاليدها حتى وقت متقدّم من القرن العشرين.

أسرة من قبيلة الاينويت
أسرة من قبيلة الاينويت ©  جورج ر. كينغ (1917)

وقد نجح الاينويت في الحفاظ على لغتهم وعلى اللغة المكتوبة يقول سيرج بوشار ويشير إلى أن البعثات التبشيريّة هي التي أدخلت الكتابة إلى الاينويت على غرار ما فعلته مع قبائل أخرى من السكان الأصليين بهدف ترجمة الكتب المقدّسة الكاثوليكيّة والبروتستانتيّة والانغليكانيّة. ويتابع سيرج بوشار قائلا:

اللغة ما زالت حيّة. والتسمية القديمة للغة كانت اسكيمو وهي كلمة مأخوذة عن قبيلة الألغونكان على غرار كلمة سيو .

وكان الاعتقاد السائد بأن كلمة اسكيمو تعني أكلة اللحوم النيئة. ولكن الكلمة بلغة الالغونكان كانت تشير إلى أشخاص بعيدين وغرباء وبرابرة.

ومن المستغرب أن تطلق قبيلة من السكان الأصليين صفة البرابرة على ابناء قبيلة أخرى تعيش بعيدا عنها في أقصى الشمال.

لكن التسمية تعكس واقعا اجتماعيا تقليديا يقول سيرج بوشار ، بمعنى أن أي قبيلة كانت تنظر إلى ابناء القبيلة البعيدة عنها على انهم برابرة.

والتسمية الحقيقيّة لهذه القبائل هي اينويت وهي صيغة الجمع لكلمة اينوك ولغتهم هي الاينوكتيتوت وهي ما زالت حيّة حتى يومنا هذا.

ويتابع عالم الانثروبولوجيا والصحافي المخضرم في راديو كندا سيرج بوشار شارحا خصوصيات قبائل الاينويت:

كانت هذه الشعوب بحريّة بمعنى أن بيئتها الطبيعية تتشكّل من المياه والجليد. وكانت تمارس الصيد البحري وكانت المياه المحيطة بها تزخر بثروة من الأسماك والحيتان والفقمات وسواها من الحيوانات التي تعيش في المناطق الجليديّة.

وقد طوّر الاينويت تقنيات صيد خاصّة بهم ما زالت معروفا حتى اليوم وكانوا وراء اختراع قوارب « الكاياك ». وقد صنعوها من جلد الحيوانات البحريّة وأيضا من جلد حيوان الكاريبو.

واستخدموا عظام الحيوانات في صناعتها لعدم وجود الأخشاب لديهم. وكانت قواربهم مقاومة للمياه وهذا عامل بالغ الأهميّة ومثير للإعجاب يقول سيرج بوشار.

وقد صنعوا ايضا قوارب أكبر حجما لصيد الحيتان وكانوا يستخدمون الرماح لصيدها.

ومن بين الخصوصيات المعروفة عن الاينويت والتي تناقلتها الكتب والصور المتحرّكة، بيوت الجليد على شكل قبّة المسمّاة « إيغلو » والتي كانت بمثابة ملجأ لهم يقيهم من الثلوج.

ويوضح عالم الانثروبولوجيا سيرج بوشار أن الاينويت تكيّفوا مع بيئتهم الطبيعية فاستخدموا الثلج لصناعة بيوتهم  و فراء الحيوانات لصناعة ملابسهم وجلدها لصناعة خيمهم.

ويضيف بأن قبائل الاينويت هي الأحدث في الوصول إلى الشمال الأميركي وكان ذلك قبل نحو 4 آلاف سنة.

وقد وصلوا مع كلابهم التي كانوا يستخدمونها لجر المزلجة وهي المركبة التي تسير فوق طبقة الثلج، وكانت كلابا صلبة وقويّة البنية كما يقول بوشار الذي يتابع قائلا:

كانت هذه الشعوب تميل نحو كل ما هو عملي وكانت في الوقت عينه على تواصل عضوي وروحاني مع بيئتها الطبيعيّة. وكانت لديها خبرة عميقة بكل ما يتعلّق بالطبيعة.

وطوّرت فنونها ولا سيما فن النحت وأصبحت هذه الفنون شائعة ومعروفة اليوم . وشكّلت هذه الفنون إلى حد ما انعكاسا للخليّة العائليّة بمعنى أنها كانت تدخل في عمق الأشياء لتنقلها بطريقة فنيّة.

ويختم عالم الانثروبولوجيا والصحافي في راديو كندا سيرج بوشار فيؤكد أن قبائل الاينويت كانت تتمتّع بقوّة جسديّة ونفسيّة ساعدتها على التأقلم مع محيطها الطبيعي والصمود في وجه عوامل صعبة وقاسية في الدائرة القطبيّة الشماليّة.

 

حول

بدأت العمل في القسم العربي منذ العام 1991
حائزة على إجازة في الفلسفة من الجامعة اللبنانية في بيروت
مارست التدريس في لبنان من العام 1997 إلى العام 1990

اترك تعليق