مجموعات السكان الاصليين: قبائل الألغونكان الرحّل

29/05/2017
اعداد مي أبو صعب
  • familles-algonquins_sn635

سكان كندا الأصليون الذين كانوا يعرفون بهنود أميركا الشماليّة هم في الواقع مجموعات لغويّة وثقافيّة متنوعّة ومختلفة عن بعضها البعض كانت لها خصوصياتها قبل وصول المستكشفين الأوروبيين مطلع القرن السادس عشر إلى سواحل الشمال الأميركي.

الصحافي في راديو كندا الدولي ريمون ديمارتو يسعى للتعريف بهذه المجموعات من خلال مقابلة اجراها مع الصحافي وعالم الانثروبولوجيا سيرج بوشار الذي يتحدّث عن عالم قائم بحدّ ذاته يضم مجموعات مختلفة كانت تعد بعشرات الملايين قبل وصول المستكشف الأوروبي ويتابع بوشار قائلا:

هنالك العديد من المجموعات الثقافيّة واللغويّة سنحاول رصدها. وبالحديث عن المجموعات اللغويّة هنالك 9 مجموعات قبائل :الألغونكان والايروكوا والسيو والاينويت المعروفون بالإسكيمو  والديني أتاباسكان وهم أقل شهرة ولكنهم يقيمون في مناطق شاسعة، فضلا عن  أمم ولغات وثقافات سواحل المحيط الهادي وأخيرا الخلاسيون الكنديون.

والخلاسيون تشكّلوا بعد التواصل مع المستكشفين يقول سيرج بوشار. ويعتبر أن اللقاء بالمستكشفين شكّل مرحلة إيجابيّة رغم أنه كان ينطوي على الكثير من القصص المأساويّة.

ويستهل بالحديث عن مجموعة الألغونكان فيشير إلى ان المقصود هو تجمّع من اللغات الأم تتحدّر من لغة أم قديمة وفريدة هي « الباليو ألغونكان »ويضيف:

إنها مجموعة قدمت إلى اميركا منذ زمن بعيد جدا، منذ نحو 8 آلاف سنة وتوزعت في مختلف مناطقها وازدهرت بصورة خاصة في شمال الشرق والشمال. ووصلت أحيانا إلى مناطق الغرب.

ويمكن القول إن ثلث اميركا كان موطنا للألغونكان من بين كافة أمم السكان الأصليين. وهم كانوا مقرّبين جدا من الطبيعة وعلى علاقة وطيدة بها. وكانوا صيادين بالإجمال ويقيمون في مناطق الغابات الغنيّة بالطرائد في بنسلفانيا وفي اونتاريو وشمال نيويورك . ووسعوا رقعة امتدادهم حتى مناطق التوندرا وهي نباتات القطب الشمالي  والتايغا وهي الغابات الشماليّة ما تحت القطبيّة الغنيّة بأشجارها الصنوبريّة.

ويتابع عالم الانثروبولوجيا والصحافي المخضرم في راديو كندا سيرج بوشار فيشير إلى وجود مجموعات من الألغونكان في الغرب في منطقة الروكيز أي الجبال الصخريّة ويتابع قائلا:

ارتكز اقتصادهم على الطبيعة وعلى معرفة دقيقة بالطبيعة تم جمعها وبلورتها على مدى آلاف السنين . وكانوا شعوبا رحّل يعيشون من صيد الحيوانات البريّة والبحريّة ويعيشون تحت الخيم.

وكانت الخيم  متنوعّة ومصنوعة أحيانا من جلد حيوان الكاريبو  وأحيانا من لحاء الأشجار في حال كان متوفرا بكثرة. وكانت خيمهم مخروطيّة الشّكل.

وكانوا ينقلونها معهم في تنقلاتهم.

وكان التنقل يجري وفق قواعد منظّمة ، وكنا نجد قبائل الالغونكان تقيم صيفا على مقربة من مجاري الأنهار والبحيرات وداخل الغابات خلال فصل الشتاء.

والتنقل داخل الغابات أسهل خلال الشتاء. وكانت هذه القبائل تستخدم الزلاجات وتنتعل مضربا شبيها بمضرب التنس يسهّل عليها التنقل فوق الثلج والجليد. ويتابع عالم الانثروبولوجيا  سيرج بوشار فيقول:

كان أبناء هذه القبائل يعملون في الثلج ويجدون الحيوانات في الغابات التي كانت تزخر بالطرائد. وكانوا صيادين مهرة استخدموا القوس والنشاب . وكانت لديهم تقنياتهم  الخاصّة لنصب الأفخاخ  للحيوانات. وكانوا يرتدون ثيابا مصنوعة من جلد حيوان القندس. ويمكن القول إن الغابة كانت مصدرا لكل ما لديهم.

وفضلا عن ذلك، كانوا يعتاشون على الأسماك التي كانت تملأ الأنهار والبحيرات الكثيرة المحيطة بهم.

باختصار ، كانت هذه القبائل مزدهرة بفضل الطبيعة الغنيّة المحيطة بها يقول سيرج بوشار.

ويتابع متحدّثا عن البعد اللغوي فيقول إن الألغونكان تميّزوا بلغاتهم المتعدّدة والتي كانت متقاربة فيما بينها رغم هذه التعدّدية.

وكانت الكلمات تعبر المسافات بسهولة. وعلى سبيل المثال فإن كلمة « كاريبو » كانت تستخدم في سسكتشوان الكندية وفي ولايتي مين وفيرمونت   على حد سواء. ونحن نتحدّث هنا عن مناطق بعيدة جغرافيا عن بعضها البعض في بلا د شاسعة في الشمال الأميركي.

ولغاتهم كانت شعريّة وروحانيّة بمعنى أنها تساعد على اجتياز عالم الأرواح ودخول الطبيعة لأن هذه الطبيعة هي التي كانت تحمي الاطفال وتقيهم من الموت جوعا حسب معتقدات الألغونكان.

ويتحدّث بوشار عن مجموعات واتنيات متنوعّة أعطت في بعض الأحيان أسماءها لولايات أميركيّة ومقاطعات كنديّة. ويذكر قبائل الميكماك  والماليسيت والماساشوستس  والبوكاهونتاس والأبيناكي والميامي والالينوا والكري والإينو وسواها من الأسماء التي تعود لمجموعات قبائل الألغونكان.

وكانت تربط مجموعات الألغونكان علاقات مع المجموعات الأخرى، وديّة أحيانا وعدوانيّة .

وإذا كان معروفا عن السكان الأصليين أنهم كانوا يتناحرون ويعلنون الحروب على بعضهم البعض، فإن العلاقات فيما بينهم كانت شبيهة بالعلاقات بين كل أبناء البشر.

ويختم الصحافي وعالم الأنثروبولوجيا سيرج بوشار مؤكدا أنه امكن التعرّف إلى هذه القبائل من خلال لغاتها وثقافاتها وتقنياتها وطرق عيشها ولكن وبصورة أساسيّة من خلال دراسة علم اللغة والمعتقدات والعشائر التي كانت تلتقي فيما بينها على البعد الروحاني.

حول

بدأت العمل في القسم العربي منذ العام 1991
حائزة على إجازة في الفلسفة من الجامعة اللبنانية في بيروت
مارست التدريس في لبنان من العام 1997 إلى العام 1990

اترك تعليق