وصول دونالد ترامب لسدة الرئاسة الأميركية وما يحمل ذلك من تغييرات

وصول دونالد ترامب لسدة الرئاسة الأميركية وما يحمل ذلك من تغييرات
Photo Credit: (Carlos Barria / Reuters)

“نهاية عالم”

كتب فرنسوا بروسو محلل شؤون السياسة الدولية في هيئة الإذاعة الكندية مقالا في صحيفة لودوفوار جاء فيه:

العالم القديم يموت والعالم الجديد يتأخر بالظهور. في هذه الفترة بين حكمين تبرز ظواهر مرضية.

هذا القول المأثور للعالم الماركسي أنطونيو غرامشي والموجود في صيغ مترجمة مختلفة كتبها منذ أكثر من مئة عام في دفاتر السجن بينما كان هذا المثقف والزعيم السياسي يرزح في غياهب سجون موسوليني.

هل ينطبق هذا القول على أجواء الشفق القطبي  التي تسود غالبية عالمنا الغربي ونحن على عتبة عام 2017؟

نعم إذا كنا متفائلين كفاية لنعتقد بأن عالما جديدا وواعدا يستيقظ أمامنا، مع وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة على سبيل المثال ومع هؤلاء الزعماء الأوروبيين الشعبويين الذين شيئا فشيئا يتبنون نهجه والذين اجتمعوا في كوبلونس في ألمانيا نهاية الأسبوع حول مارين لوبين مثل فروك بيتري وخيرت فيلدرز وآخرين.

مارين لوبين زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية اليمينية مع مؤيديها
مارين لوبين زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية اليمينية مع مؤيديها © AFP/AFP/Getty/François Guillot

كلا، وفي الغالب ليس كليا، ولكي نعود للقول المأثور للعالم غرامشي الذي ابرزناه سابقا يمكننا أن نصف هؤلاء الزعماء السياسيين الذين يصعدون "كظواهر مَرَضية" للقول المشهور (بالوحوش حسب بعض الترجمات) وليس كممثلين لهذا "العالم الجديد" الناشىء والمشع كما يدّعون تجسيده بطريقة وقحة.

نحن ما زلنا في المرحلة المتوسطة و"المَرَضية" لكن لنتوجه نحو ماذا ونحو أين؟ المشكلة أن "العالم الجديد" الذي تم الإعلان عنه في الربع الأول من القرن العشرين من قبل غرامشي ومرافقيه الإيديولوجيين، عالم مساواة وأخوة عالمية، كان مجرد كذب وليس حاليا على جدول أعمال الربع الأول من القرن الحادي والعشرين.

ويوم الجمعة الماضي، في خطاب تسلم السلطة، دونالد ترامب الرئيس الأميركي الجديد رسم صورة مظلمة بشكل منقطع النظير للوضع في الولايات المتحدة وعلاقاتها مع باقي العالم.

وفي وصفه للوضع في بلاده على المستويين الاقتصادي والأمني، استخدم مقاربة مبالغا فيها بمعناها الفرنسي والإنجليزي أي "المجزرة"

مما لا شك فيه حين الحديث عن الولايات المتحدة حيث عدم المساواة والانتقادات الشرعية على نوعية استعادة العافية وفرص عمل جديدة فإن المعدل الرسمي للبطالة قد انخفض بشكل ملحوظ من عشرة بالمئة إلى خمسة بالمئة خلال سنوات حكم الرئيس السابق أوباما.

وفي بلد حيث معدل الإجرام إلى أدنى حد له منذ نصف قرن على خلاف تام مع الأوصاف المروعة لدونالد ترامب أوهام ما يزال يرددها حتى بعد وصوله للرئاسة.

نظرة مظلمة بشكل مبالغ فيها للواقع الحالي، استراتيجية "كل لنفسه" على المستوى الوطني، تعهد لحلول سهلة. هذه النظرة اقتبست بشكل جماعي من قبل شعبويي أوروبا الذين بتصرفهم علاوة على ذلك هدف يحلمون به في اتحاد أوروبي بيروقراطي تحول إلى كيس لكم من مختلف النواحي.

إنها نهاية عالم وقد يكون نشوء عالم جديد حيث تصبح القوى العظمى الغربية القديمة ثانوية وتتقوقع على نفسها.

في هذا الوقت، الملامح الجديدة للعلاقات الدولية تتقرر في موسكو وبكين وأنقرة حيث تعتبر الديمقراطية الليبرالية بمثابة أثر قديم والحكم الغربي للعالم بمثابة شيء رهيب يجب مقاومته.

ويختم فرنسوا بروسو مقاله في صحيفة لودوفوار بالقول إن عام 2017 سيكون عاما حيويا بالنسبة لأوروبا. والسؤال هل تصمد السدود التابعة "للنظام القديم" أمام الحشود الشعبوية؟

إن الانتخابات الرئاسية الفرنسية في شهر إبريل نيسان أو مايو أيار المقبلين وانتخابات ألمانيا في شهر سبتمبر أيلول المقبل ستأتي إلينا بالجواب.

وفي حال انتخبت مارين لوبين رئيسة لفرنسا ومن ثم حزب "البديل من أجل ألمانيا" يفتح ثغرة هامة كل شيء يصبح ممكنا بما في ذلك انهيار كامل للاتحاد الأوروبي يختم فرنسوا بروسو في صحيفة لودوفوار.

(لودوفوار/راديو كندا الدولي)

استمعوا
فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:، ، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.