أحد المتظاهرين ضدّ السلطة الحاكمة في لبنان يرتدي قناعاً واقياً بألوان العلم اللبناني خلال مشاركته في تظاهرة في بيروت في 14 حزيران (يونيو) 2020 (Hassan Ammar / AP Photo)

الأزمة الحادة في وطن الأرز تقلق الكنديين اللبنانيين

يعيش الكنديون اللبنانيون واللبنانيّو الأصل حالة قلق بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الحادة التي يشهدها وطنهم الأم.

ويفيد تقرير لراديو كندا أمس أنّ أفراد الجالية اللبنانية يواجهون صعوبات في إرسال المال إلى عائلاتهم بالقدر الذي يريدونه لأنّ المصارف اللبنانية باتت تضع قيوداً على المبالغ التي يمكن سحبها في ظلّ أزمة سيولة النقد الأجنبي الحادة التي يشهدها لبنان ذو الاقتصاد المُدَولر (نسبة إلى الدولار الأميركي) بنسبة مرتفعة.

"لا يمكننا القيام بأيّ شيء"، تقول الكندية من أصل لبناني ديالا لطيْف، وهي من سكان تورونتو، كبرى مدن مقاطعة أونتاريو وكندا على السواء، مضيفةً "لا يمكننا أن نرسل لهم المال. وحتى إن أرادوا المجيء إلى هنا، فالمطارات مغلقة وكذلك السفارات". "نشعر فعلاً أننا عاجزون"، تقول لطيْف بأسىً.

وتروي لطيْف أنها تمكنت من إرسال مبلغ بالدولار الأميركي إلى عائلتها في لبنان من خلال أحد المعارف الذي كان في زيارة إلى كندا وأبدى استعداده لأن يحمل المبلغ معه في طريق العودة إلى لبنان على متن رحلة مخصصة لإعادة اللبنانيين إلى بلادهم في عزّ جائحة "كوفيد - 19".

ويُشار في هذا الصدد إلى أنّ شركة "طيران الشرق الأوسط - الخطوط الجوية اللبنانية" قامت بإعادة اللبنانيين العالقين في الخارج إلى وطنهم في إطار خطة وضعتها الحكومة اللبنانية.

الطالبة اللبنانية في جامعة تورونتو داليا لطيْف تواجه صعوبات في إرسال المال إلى لبنان، أسوة بغيرها من اللبنانيين في الخارج (Radio-Canada)

"إذا أرسلتُ المال بموجب حوالة مصرفية ستُضطرّ والدتي للانتظار ساعات طويلة في المصرف (بسبب الزحمة)، وعندما يأتي دورها قد يُقال لها: ’’نحن آسفون، لم يعد لدينا مال نقدي (بالدولار الأميركي) اليوم‘‘"، تقول لطيْف المقيمة في كندا منذ عام 2016.

ويفضّل اللبنانيون تلقّي المال بالدولار الأميركي، أو بعملات عالمية أُخرى، في ظلّ انهيار قيمة عملتهم الوطنية، الليرة اللبنانية. فسعر الصرف الذي ظلّ ثابتاً نحواً من ثلاثة عقود عند نحو 1500 ليرة للدولار الأميركي الواحد تخطى اليوم في السوق السوداء عتبة الـ7000 ليرة مقابل الدولار.

وتُعِدّ لطيْف أطروحة دكتوراه في مجال التخطيط العمراني في جامعة تورونتو، وستُضطر للجوء للخدمات المصرفية لدفع أتعاب شخص في بيروت يساعدها في أبحاثها. لكنها تجهل المبلغ الذي سيكون بوسعه سحبه من المصرف في لبنان.

"أعلم جيداً أنّ مساعدي يحتاج فعلاً لهذا المال"، تقول لطيْف، "اتصل بي اليوم ليطلب مني أن أرسله له على وجه السرعة".

شارك الطلاب اللبنانيون بكثافة في الحراك الاحتجاجي في وطنهم في الخريف الفائت، ونراهم في هذه الصورة يتظاهرون في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 في محيط مقر وزارة التربية والتعليم العالي في بيروت وقد رفعت إحداهنّ لافتةً كُتب عليها "لا نتابع دروسنا لنتمكن من تلقينكم درساً" في رسالة موجهة إلى الطبقة الحاكمة (عزيز طاهر / رويترز)

سيزار الحايك مهاجر جديد إلى كندا. استقرّ في تورونتو قبل بضعة أشهر من انطلاق الحراك الاحتجاجي الواسع في لبنان في 17 تشرين الأوّل (أكتوبر) الفائت، وهو حراك ضدّ الفساد السياسي والإداري وتدهور الأوضاع المعيشية وتفشي البطالة.

ويشعر الحايك بالقلق على أهله وأصدقائه في لبنان، ويروي أنّ أهله تمكنوا من سحب ما يكفي من المال في بداية الأزمة لتغطية نفقاتهم اليومية لغاية الآن. "لكن هذه ليست خطة طويلة الأمد، كيف سيتدبّرون أمورهم لاحقاً؟"، يتساءل الحايك.

"هذا مقلق جداً"، يرى الحايك، مضيفاً "ولا نرى أيّ مبادرة على الصعيد السياسي لوضع استراتيجية، سياسة إنقاذية".

كنديون من أصل لبناني يتظاهرون في 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2019 في ميسيسوغا في منطقة تورونتو الكبرى مطالبين برحيل الطبقة السياسية الحاكمة "الفاسدة" في الوطن الأم (Myriam Eddahia / Radio-Canada)

يُذكر أنّ آلاف الكنديين من أصل لبناني نظموا في الخريف الفائت مسيرات في عدة مدن، من بينها مونتريال وتورونتو وميسيسوغا إدمونتون، تعبيراً عن تضامنهم مع الحراك الاحتجاجي المطالب برحيل الطبقة السياسية الحاكمة في الوطن الأم.

لكنّ اللبنانيين والكنديين من أصل لبناني لا ينوون حالياً التظاهر مجدداً، كما نقل راديو كندا عمّن اتصل بهم في أوساطهم.

وكانت ديالا لطيْف من ضمن مجموعة الناشطين التي نظّمت التظاهرات في تورونتو وميسيسوغا التابعة لتورونتو الكبرى، وهي تقول إنّ المجموعة لا تزال قائمة لكنّ جائحة "كوفيد - 19" وتدابير التباعد الاجتماعي الهادفة للحدّ من انتشارها أعاقت حركة الناشطين.

"إنه تضامن جاليوي" يقول من جهته جوزيف الصايغ المقيم في كندا منذ ثلاثة عقود. "لكن هناك أيضاً عدة لبنانات في قلوب اللبنانيين"، يقول الصايغ شارحاً أنّ الجالية اللبنانية في كندا منقسمة على نفسها وأنّ أفرادها يسعون بالدرجة الأولى لمساعدة عائلاتهم في لبنان أو أيضاً المناطق اللبنانية التي قدموا منها.

رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري مغادراً عقب إعلانه استقالته واستقالة حكومته في 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2019 من "بيت الوسط"، مقر إقامته في العاصمة اللبنانية بيروت، وتظهر على الجدار صورة والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري الذي اغتيل في انفجار في بيروت في شباط (فبراير) 2005 (محمد عساكر / رويترز)

يُشار إلى أنّ الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري التي كانت موجودة عند انطلاق الحراك الاحتجاجي استقالت في 29 تشرين الأول (أكتوبر) الفائت، أي بعد 12 يوماً على انطلاقه. وأبصرت حكومة جديدة برئاسة حسّان دياب النور في 21 كانون الثاني (يناير) في ظلّ ظروف اقتصادية كانت قد ازدادت سوءاً.

وفي 7 آذار (مارس) أعلنت الجمهورية اللبنانية، وللمرّة الأولى في تاريخها، التخلّف عن سداد ديونها. وساءت الأوضاع الاقتصادية أكثر في وطن الأرز بتأثير من جائحة "كوفيد - 19".

وتسارعت وتيرة الانهيار الاقتصادي في لبنان خلال حزيران (يونيو) الحالي مع اقتراب موعد تطبيق "قانون قيصر" الأميركي، الذي دخل حيز التنفيذ في السابع عشر منه. وينصّ القانون على سلسلة عقوبات تطال كلّ من يتعامل تجارياً أو عسكرياً مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وسوريا هي الجارة البرية الوحيدة التي يمكن للبنان أن يتعامل معها، فهو في حالة حرب مع جارته الأُخرى، دولة إسرائيل.

(راديو كندا / راديو كندا الدولي)

روابط ذات صلة:

ما أبرز التحديات التي تواجه الحكومة اللبنانية الجديدة؟

قراءة في الوضع اللبناني على ضوء تكليف حسّان دياب تشكيل حكومة جديدة

قراءة في الحراك الاحتجاجي في لبنان مع دخوله شهره الثاني

أمسية في إدمونتون في غرب كندا لدعم نشاط إنساني في لبنان

لبنانيّو كندا يدعمون الحراك الشعبي ضد الفساد في الوطن الأم

فئة:دولي، سياسة، هجرة ولجوء
كلمات مفتاحية:، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.