المسؤولية مضاعفة لدى الطاقم الطبي في المستشفيات الكندية وهم يأخذون دور الأهل في التخفيف عن مرضاهم بسبب التدابير الاحترازية التي تمنع الزيارة في المستشفيات/ISTOCK

الحزن يُثقلُ كاهلَ الجسم الطبي في كندا الذي يقابل الموت كلَّ لحظة

كانوا يعلمون أن المهنة التي اختاروها تطلّب قلبا من حديد لأنهم عرضة لمواجهة المنايا التي تصيب عن عمد أو عشوائيا مرضاهم في كل لحظة. كانوا يعلمون أن كل علومهم وثقافاتهم قد تقف عاجزة أمام مشاهد الألم والوجع وقلة الحيلة وفراق الأحبة…

كانوا يعلمون أن مهنتهم رسالة قبل أي شيء آخر...

اليوم يوضع الأطباء والممرضون والعاملون في المستشفيات ومقدّمو الرعاية أمام تحديات صعبة. فعدا عن اهتمامهم بكيفية حماية أنفسهم من خطر الإصابة بكوفيد-19، وعدا عن جهودهم في سبيل إنقاذ حياة الآخرين وبذل المستحيل من أجل شفائهم. يضاف التعب والإرهاق النفسي الذي يثقل كاهلهم منذ بدء الجائحة وصراعهم اليومي مع المنايا التي تخطف، أمام عيونهم، إلى الموت العشرات وأكثر يوميا.

خارت قوى الممرضة كارين، التي تعمل في قسم العناية المركزة في إحدى مستشفيات مدينة وينيبيغ عاصمة مقاطعة مانيتوبا في وسط الغرب الكندي، في معركتها ضد كوفيد-19. ونفسها حزينة حتى الموت لكمية الآلام والوفيات التي تعاينها عن كثب كل يوم لدى الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد.

إنني غاضبة، إنني في حداد ولا أعلم كم أستطيع بعد أن أتحّمل؟

قالت كارين منفجرة بالبكاء طالبة من هيئة الإذاعة الكندية عدم الإفصاح عن هويتها مخافة أن تتعرض لتدابير تأديبية في عملها لأنها تحدثت علانية.

وتردف كارين وهو اسم مستعار للمتحدثة اختارته هيئة الإذاعة الكندية:

تؤّثر في كثيرا رؤية الأشخاص الموجوعين والأشخاص الذين يموتون وحدهم.

ما أمرّ أن ترى الخوف في عيون المرضى لأنهم يعلمون بإصابتهم بالوباء ويعلمون أنهم قد يموتون...ما أمرّ الا يكون بمقدورك أن تكون بجانبهم لتواسيهم وتخفف عنهم...مواقف صعبة، صعبة جدا.

يلعب الممرضون والممرضات دور الأهل في العديد من الحالات لأن التدابير الوقائية الصحية تمنع زيارة الأهل لمرضاهم.

لا أريد بعد اليوم أن أذهب إلى العمل

توضح كارين أن عملها في المستشفى يمتد الآن إلى حياتها الشخصية. قبل العودة إلى العمل بعد أيام قليلة من الراحة، يغمر كارين شعور بالقلق والاكتئاب وتتساءل في نفسها: ما الذي تغيّر يا ترى؟ وكم هو عدد المرضى الذين سأعتني بهم؟ هل سأنجح في حمل كل العبء المترتب علي؟

حتى "أن هذه الأسئلة تتشكل في أحلامي كأنها كابوس لم يعد يفارقني أبدا منذ شهور". 

...واستيقظ في الصباح وأفكر:هل يجب علي الذهاب إلى العمل؟ لا لا أريد الذهاب إلى العمل، فأنا خائفة.

أحيانا أبكي وأنا في طريقي إلى المستشفى لأن الوضع مؤثر جدا ويخترقنا شئنا أم أبينا.

مرضى السرطان في كندا يعانون الأمّرين في ظلّ الجائحة: الخوف من العزلة والقلق على حياتهم بسبب إصابتهم بالمرض العضال/ISTOCK

 

تجدر الإشارة إلى أن هذه المشاعر شائعة بين مقدمي الرعاية، وفقًا لـ Canadian Virtual Hospice، وهو مورد دولي عبر الإنترنت في وينيبيغ يقدم دعمًا داخليًا وموارد للتغلب على الحزن.

وقد أطلقت هذه المنظمة مؤخرًا وحدة نمطية على موقعها على الإنترنت تتناول التحديات التي يواجهها العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية أثناء الوباء.

تقول المديرة التنفيذية للمنظمة شيلي كوري:

هناك إحجام عن الحديث عن الفجيعة المرتبطة بالعمل وميل إلى التقليل من شأنها ورفضها.

تؤكد هذه المتحدثة بأنه كانت هناك استجابة استثنائية من قبل العاملين في الرعاية الصحية على منصة تعليمية الكترونية أطلقتها المنظمة قبل اسبوعين، وقد دخل إليها أكثر من 1500 شخص حتى تاريخ اليوم.

"على هذه المنصة نعطي السبل التي تساعد العاملين في قطاع الصحة على مواجهة الحزن، تقول المسؤولة الكندية، فهؤلاء ينوؤن تحت ثقل الآلام ويعيشون جملة من المشاعر التي تؤثر سلبا على حياتهم". 

(المصدر: هيئة الإذاعة الكندية)

روابط ذات صلّة:

كوفيد-19: الإغلاق ومضاعفاته على الصحّة النفسيّة في كندا

ارتفاع وتيرة الاضطراب الغذائي في البرتا منذ بداية الجائحة

وقعُ الجائحة على مرضى السرطان والصحة العقلية في كيبيك

فئة:صحة
كلمات مفتاحية:

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.