زهور وشموع ووجوه حزينة أمام صور ضحايا الطائرة الأوكرانية في تورونتو (Rozenn Nicolle / Radio-Canada)

“تضارب واضح في المصالح” في قيادة إيران التحقيق في تحطّم الطائرة الأوكرانية

أوصى الوزير الكندي السابق رالف غوديل، المستشارُ الخاص للحكومة الكندية في ملف طائرة الركاب الأوكرانية التي أسقطتها إيران، بإدخال تعديلات على القوانين الدولية للطيران المدني بهدف إفساح المجال أمام تحقيقات "أكثر مصداقية" في حوادث تحطم الطائرات.

وفي تقريره المستقلّ الذي قدّمه أمس والمكوّن من أكثر من 70 صفحة أوصى غوديل بمنح اهتمام خاص لمن يفقدون أشخاصاً عزيزين في حوادث مأساوية من هذا النوع.

وعُيِّن غوديل، وزيرُ السلامة العامة في حكومة جوستان ترودو الليبرلية في ولايتها السابقة، في المنصب المذكور أعلاه في أعقاب تحطّم الطائرة المدنية الأوكرانية ذات الرحلة رقم PS752 مطلع العام الحالي في محيط العاصمة الإيرانية طهران جرّاء إصابتها بصاروخيْ أرض – جو أطلقهما "حرس الثورة الإسلامية" الإيراني نتيجة "خطأ بشري" حسب السلطات الإيرانية.

وقُتل جميع من كانوا على الطائرة، وهم ركابها الـ167 وطاقمها المكوّن من 9 أفراد. وكان بين الركّاب 55 كندياً، من أصول إيرانية بشكل خاص، ونحو 30 شخصاً حاصلين على الإقامة الدائمة في كندا، وعشراتُ الركاب الذين تربطهم بكندا صلات أُخرى كالدراسة، وركابٌ إيرانيون آخرون و11 أوكرانياً من ضمنهم أفراد طاقم الطائرة، وركابٌ سويديون وبريطانيون وأفغانيون.

بعضٌ من ركام طائرة الركاب الأوكرانية التي تحطمت في محيط مطار طهران الدولي يوم الأربعاء 8 كانون الثاني (يناير) 2020 والتي قُتل جميع ركابها، ومن ضمنهم 55 كندياً، وأفراد طاقمها ( Screen grab obtained from a social media video via REUTERS)

ولم يُعرف بعد السبب الدقيق وراء الاستهداف الصاروخي للطائرة المدنية، ولامت كندا إيران لتأخرها أشهراً طويلة في تسليم جهازيْ التسجيل (الصندوقيْن الأسوديْن) الخاصيْن بالطائرة إلى جهة تملك التكنولوجيا اللازمة لتفريغ معلوماتهما وتحليلها.

وفي تمّوز (يوليو) الفائت أرسلت إيران جهازيْ التسجيل إلى فرنسا التي تملك التكنولوجيا والخبرة اللازمتيْن للتفريغ والتحليل. وبموجب القوانين الدولية للطيران المدني، إيران هي من يقود التحقيق لأنّ الطائرة تحطّمت فوق أراضيها.

لكنّ غوديل أوصى في تقريره بتغيير هذه القاعدة عندما تكون القوات المسلحة التابعة للدولة التي تحطمت الطائرة فوق أراضيها هي المسؤول عن وقوع الحادث، لأنّ قيادة هذه الدولة التحقيق يضعها في "تضارب واضح للمصالح".

فتطبيق القاعدة المذكورة في هذه الحالة "يطرح تساؤلات حول الحيادية والشفافية والمصداقية" في التحقيق و"نزاهة العملية برمّتها تصبح موضع شك".

"وهذا الوضع ينسف مصداقية التحقيق ويخلق شعوراً بالإفلات من العقاب من خلال عدم الإجابة على الأسئلة الأساسية. قدرة الأسرة الدولية على تطبيق إجراءات فعالة لمنع حصول كوارث مشابهة هي إذاً مقوَّضة"، أضاف غوديل.

وزير السلامة العامة الكندي السابق رالف غوديل (Justin Tang / CP)

لذا رأى غوديل أنّ هناك قواعد دولية يجب تغييرها لكي يصبح "لزاماً" على دولة تحطّمت طائرة مدنية فوق أراضيها بسبب أنشطة عسكرية، كما هي حال إيران في حادثة الطائرة الأوكرانية، أن تعيّن دولةً أُخرى لقيادة التحقيق حول الحادث، وألّا يكون ذلك مجرّد خيار متاح أمام الدولة المعنية.

وأشار غوديل إلى أنّ هذا ما حدث عام 2014 عندما طلبت أوكرانيا من هولندا أن تقود التحقيق في حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الماليزية ذات الرحلة رقم 17 والذي أفضى إلى أنّ الطائرة سقطت جراء إصابتها بصاروخ أرض - جوّ روسي الصنع.

وكانت الطائرة الماليزية قد تحطمت في 17 تموز (يوليو) 2014 في منطقة دونيتسك في جنوب شرق أوكرانيا حيث كانت تدور معارك بين القوات الحكومية الأوكرانية وقوات انفصالية مدعومة من روسيا.

الفريق قاسم سليماني (وسط الصورة)، قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني الذي قُتل في غارة جوية أميركية في بغداد قبل أيام من إسقاط الحرس الثوري الطائرة الأوكرانية (Office of the Iranian Supreme Leader via AP)

يُذكر أنّ طائرة الركاب الأوكرانية أُسقطت في محيط المطار الرئيسي في طهران في 8 كانون الثاني (يناير) 2020 بعد ساعات معدودة على قصف إيران بالصواريخ الباليستية قاعدتيْن في العراق تستخدمهما القوات الأميركية.

وهذا القصف الصاروخي الإيراني جاء رداً على اغتيال الولايات المتحدة قائد "فيلق القدس" التابع لـ"حرس الثورة الإسلامية" الفريق قاسم سليماني في العاصمة العراقية بغداد في 3 كانون الثاني (يناير) بواسطة صواريخ أطلقتها طائرة مسيّرة.

وعندما أسقطت إيران الطائرة الأوكرانية كانت قواتها المسلحة في حالة تأهب لهجوم أميركي مضاد. لكنّ تقرير هيئة الطيران المدني الإيرانية لم يذكر ذلك بل اكتفى بالإشارة إلى أنّ تغيّراً في "درجة استنفار الدفاعات الجوية الإيرانية" كان قد سمح باستئناف الملاحة الجوية المقرَّرة مسبقاً.

كما أوصى غوديل في تقريره بتقديم دعم صَلب وسريع لذوي ضحايا الطائرة الأوكرانية وأقاربهم، وكتب أنّ "احتياجات عائلات الضحايا (...) يجب أن تكون في صُلب التدخّل الكندي" الذي يجب أن يكون "سريعاً وكاملاً وكريماً".

وأثنى رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو على تقرير وزيره السابق وقال إنه يُظهر أهمية توفير انتباه خاص لحاجات ذوي ضحايا الكوارث الجوية.

(وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا الدولي)

روابط ذات صلة:

الطائرة الأوكرانية: "معلومات محدودة ومُختارة" في تقرير إيراني أوّلي حسب كندا

الطائرة الأوكرانية: محققون كنديون في فرنسا لمعاينة الصندوقيْن الأسوديْن

الطائرة الأوكرانية: كندا تجدّد مطالبة إيران بتحقيق "كامل وشفّاف" وبتعويضات

الطائرة الأوكرانية: كندا تسأل عن سبب تأخّر إيران في تسليم الصندوقيْن الأسوديْن

كندا وحلفاؤها يدعون إيران لإرسال صندوقيْ الطائرة الأوكرانية الأسوديْن إلى طرف ثالث

ترودو كان يفضّل أن يُحاطَ علماً بعملية اغتيال سليماني قبل حصولها

فئة:دولي، سياسة
كلمات مفتاحية:، ، ،

هل لاحظتم وجود خطاّ ما؟ انقر هنا!

لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.