احتفلت الطوائف المسيحية الغربية اليوم عبر العالم بعيد ميلاد السيد المسيح في بيت لحم قبل 2020 عاما. وقد غيّرت الجائحة التي تجتاح العالم مظاهر الاحتفال بالعيد؛ إلا أنه احتفظ بجوهره وروحانيته بعيدا عن الصخب والبذخ والإسراف في المأكل والمشرب. واقتصرت موائد العيد في غالبيتها على أفراد البيت الواحد.
ولكن كيف كان يحتفل الكنديون في الماضي بالعيد وما تاريخ وأصول طقوسه وتقاليده في بلاد القيقب؟
يتم الاحتفال بعيد الميلاد بطرق شتى في كندا. وتتأثر طريقة احتفال الكنديين بالتقاليد الفرنسية والبريطانية والأميركية الخاصة بهذا العيد.
هذا ويُعّد الكريسماس، منذ بداية القرن العشرين، أهم احتفالات العام وتُدخل أجواؤه البهجة والسرور إلى قلوب الجميع.
أضواء الميلاد تزّين مقّر البرلمان الكندي في العاصمة أوتاوا/الموسوعة الكندية
تاريخ عيد الميلاد
إذا تم تعريف عيد الميلاد عمومًا بأنه العيد المسيحي الذي يصادف ولادة السيد المسيح، فإن لتاريخ هذا العيد أيضا أصداء وثنية.
إن الكلمة الإنجليزية ، عيد الميلاد ، مشتقة من اللغة الإنجليزية القديمة ، Cristes mæsse ، أي "قداس المسيح". والكلمة الفرنسية ، Noel ، مشتقة من اللاتينية ، Dies Natalis ، "يوم الميلاد".
يذكر أن تاريخ 25 كانون الأول/ديسمبر هو تاريخ الانقلاب الشمسي حيث تكون الشمس في أدنى مستوياتها، وهو أقصر يوم في السنة، وبعده تطول الأيام ليكون أطول يوم في السنة هو يوم بدء الصيف في الحادي والعشرين من حزيران/يونيو.
أما يوم 25 ديسمبر فكان يحفل منذ آلاف السنين بأعياد الإنقلاب الشمسي التي كان يحييها الوثنيون ويضرعون لآلهتهم من أجل عودة الدفء والضوء.
يستعرض المتخصص في علم اللاهوت المسيحي الدكتور سيباستيان دوان في حوار مع هيئة الإذاعة الكندية أصل عدة تقاليد مرتبطة ارتباطا وثيقا بعيد الميلاد ولا تنفصل عنه.
مولد السيد المسيح
يقول اللاهوتي الكندي: لم يكن المسيحيون الأوائل يحتفلون بعيد الميلاد. وهناك ذكر لميلاد يسوع في أربعة فصول فقط من أصل 260 فصلا يشتمل عليها كتاب العهد الجديد أو الإنجيل. فقد أتى على ذكر ميلاد المسيح كل من القديس متى والقديس مرقس في الفصلين الأولين من انجيلهما. يضاف إلى ذلك أن الكنيسة المسيحية في بداية تاريخها وعلى مدى قرون عدة لم تكن تحتفل بعيد الميلاد.
لماذا اختيار تاريخ 25 ديسمبر للاحتفال بميلاد المسيح؟
يجيب أستاذ اللاهوت في جامعة لافال في مدينة كيبيك:
لعّله من المستحيل تحديد يوم ميلاد السيد المسيح وقد تم اختيار تاريخ 25 ديسمبر للاحتفال بالميلاد في منتصف القرن الرابع ميلادي في روما. ويعتقد البعض أن التاريخ مرتبط بتاريخ الاحتفال بإله الشمس sol Invictus وهو أحد الاحتفالات الكبيرة في عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين في القرن الرابع الميلادي. ويرجح البعض أن اختيار هذا التاريخ مرتبط بيوم الانقلاب الشمسي، ويوم ولادة الشمس هو أيضا يوم ولادة السيد المسيح الذي يعتبره المسيحيون "شمس العدل".
الأسواق الميلادية عادة أخذها مؤخرا الكنديون عن الأوروبيين وفي منطقة ساغنيه لاك سان-جان النائية في شمال مقاطعة كيبيك نظمت النسخة الخامسة من "سوق الميلاد الأوروبي" بين الثالث والسادس من كانون الأول/ديسمبر الماضي/راديو كندا
رموز وتقاليد عيد الميلاد:
- الرعاة والمجوس
في إنجيل لوقا كما يقول اللاهوتي الكندي الرعاة هم أول زوار الطفل يسوع في مغارة بيت لحم وفي إنجيل متى هناك ذكر للمجوس كأول من زار السيد المسيح.
أما عن عدد هؤلاء وأسمائهم وألقابهم فهي معلومات ستعرف فقط بين القرن الثالث والرابع ميلادي.
هذا وستتناول القصص الشعبية والأفلام السينمائية على مرّ العصور هذا السرد عن ميلاد السيد المسيح وزيارة المجوس وتقديمهم الهدايا له.
- مغارة الميلاد
يعود تاريخ أول مغارة ميلادية إلى القرن الثالث عشر وكان القديس فرنسيس الأسيزي في الكنيسة المسيحية هو أول من أتى بفكرة إقامة هذه المشهدية الرمزية لميلاد "المخلص" كما يعتبر المسيحيون.
ومنذ ذلك التاريخ تعمقت هذه الفكرة وأصبحت شخصيات المغارة من عائلة السيد المسيح، أمه مريم ووالده يوسف والرعاة أو المجوس والحيوانات بأشكالها جزءا من رمزية هذه المغارة التي ولد فيها السيد المسيح في بيت لحم. هذا وإن لم تكن القصة الحقيقية لميلاد السيد المسيح كما يرويها كتاب الإنجيل مطابقة لتقليد هذه المغارة.
- أناشيد عيد الميلاد
يعود تاريخ أول انشودة ميلادية إلى القرون الوسطى حيث كانت الأغاني الميلادية تستخدم لترافق المسرح الشعبي الذي كان يقدّم في الساحات العامة وفي باحات الكنائس. لعّل أقدم انشودة ميلادية معروفة يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر وفقا للعالم في اللاهوت المسيحي دوان.
الأم نويل قد ترافق أيضا بابا نويل في توزيع الهدايا على الأطفال والتقليد يقضي بأن يرتديا لباسا باللون الأحمر مع الشعر الأبيض لون النقاء والطهارة/راديو كندا
- بابا نويل
ظهرت شخصية سانتا كلوز في القرن العاشر. ففي شهر كانون الأول/ديسمبر كانت أوروبا تحتفل بعيد القديس نيكولا ويتم خلال الاحتفال توزيع الهدايا على الأطفال.
والقديس نيقولا كان يسكن في مير، تركيا اليوم، وهو أسقف عاش في القرن الرابع ميلادي.
وفي العام 1931 قامت شركة المشروبات الروحية كوكا كولا بإطلاق "بابا نويل" بملابسه الحمراء كما نعرفه اليوم.
- الهدايا في عيد الميلاد
إن تقليد تبادل الهدايا في عيد الميلاد له عدة أصول محتملة.
يسرد أنجيل متى كيف أهدى المجوس طفل المغارة يسوع ذهبا ولبانا ومرّا، وهي هدايا تليق بالملوك.
كذلك في عهد الإمبراطورية الرومانية، كانت أعياد ساتورنيا في ديسمبر مناسبة أيضا لتبادل الهدايا.
لم تسمح الجائحة هذه السنة بإحياء الأمسيات الميلادية التي تحييها جوقات الكنائس الشرقية في مونتريال وفي الصورة جوقة ميلادية أحيت العام الماضي حفلة "لنغنّي الميلاد" من أجل لبنان. أحيت الحفل المرّنمة الشابة كريستا-ماريا أبو عقل بقيادة الفنان ديفيد سلطاوي في كنيسة القديس ماكسيم في لافال شمال مونتريال/حقوق الصورة: استوديو حلوم
- قداس منتصف الليل
هذا التقليد وضعته تعاليم الكنيسة المسيحية.
في الماضي، لم يكن يتم الاحتفال بعيد الميلاد قبل بلوغ منتصف ليل 24 ديسمبر وكان يجب أن يكون المؤمن صائما ليسمح له بتناول القربان خلال الذبيحة الالهية.
اليوم يتابع اللاهوتي الكندي، يمكن إقامة قداديس الميلاد اعتبار من الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم 24 ديسمبر.
- الموائد الميلادية
يقضي التقليد بأن يتابع المسيحيون الاحتفال بعيد الميلاد في بيوتهم بعد المشاركة في قداس منتصف الليل. وبحكم أنهم كانوا منقطعين عن المأكل والمشرب لتناول "جسد الرب" في القداس، فهم يجلسون بعد الانتهاء من رتبة القداس إلى موائد الطعام الشهية. وهكذا تستمر الاحتفالات بإقامة هذه الموائد الاحتفالية التي تزخر بما لذ وطاب.
علما أن المسيحيين اليوم لم يعودوا يمارسون الانقطاع عن المأكل قبل تناول القربان في القداس.
(المصدر: هيئة الإذاعة الكندية، الموسوعة الكندية)
روابط ذات صلّة:
الجائحة تخطف بهجة عيد الميلاد ويَخفَتُ صوتُ الترنيم في الكنائس
لبنان خافقٌ في القلوب والحناجر وعلى المنابر الميلادية في كندا
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.