تميل دراسة استطلاعية جديدة للتأكيد بأنّ الصحة النفسية لشريحة من الكنديين تراجعت خلال جائحة "كوفيد - 19" وأنّ الفئات الأكثر معاناةً في هذا المجال هي النساء والأهل العازبين والأشخاص الذين باتوا بلا عمل والمهاجرين حديثاً إلى كندا وأفراد الأقليات العرقية.
ويفيد الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة "ليجيه" في 2 و3 كانون الثاني (يناير) الجاري لحساب "جمعية الدراسات الكندية" (AEC - ACS) أنّ النساء المتراوحة أعمارهنّ بين 18 و34 عاماً هنّ الأكثر تأثراً بين النساء اللواتي قلن إنّ الجائحة أثّرت سلبياً على صحتهنّ النفسية.
وقال 40% من الأهالي العازبين المستطلَعين إنّ صحتهم النفسية "سيئة" أو "سيئة جداً".
وتقول مؤسِّسة جمعية "بلاك مامز كونيكشن" (Black Moms Connection) تانيا هايلز إنّ الكثيرين من الأهالي مثقلون بالواجبات بما يفوق طاقتهم، بين العمل عن بُعد من المنزل والإشراف على الدراسة التي يتلقاها أولادهم على الإنترنت.
وتضيف هايلز، التي تُعنى جمعيتها بشكل أساسي بالأمهات السوداوات، أنّ على الأهالي السود علاوةً على ذلك مواجهة العنصرية الممنهجة.
"هذه الجائحة أثّرت على النساء أكثر مما أثّرت على الرجال، والنساء هنّ من يتخلّين كلياً عن سوق العمل من أجل ضمان حصول أطفالهنّ على ما يحتاجون إليه"، تؤكّد هايلز قبل أن تضيف "وإذا كنتِ أمّاً عازبة، فلا راحةَ لك على الإطلاق".

رئيس "جمعية الدراسات الكندية" جاك جِدْواب (CBC)
ويرى رئيس "جمعية الدراسات الكندية" جاك جِدواب أنّ الصحة النفسية قد تتراجع أكثر مع حالات حجر منزلي جديدة وإجراءات تقييدية إضافية، إذ لا يعود الناس قادرين على رؤية أقاربهم وأصدقائهم.
"إنه تحدٍّ هام جداً للحكومات التي تتخذ إجراءات حجر ومنع تجوّل: عدم رؤية تفاقم الجانب المتصل بالصحة النفسية في هذه الأزمة"، يضيف جدواب.
وشمل الاستطلاع 1523 كندياً بالغاً، أي بلغوا سنّ الـ18 فما فوق، وأجرته "ليجيه" على الإنترنت. ولا يمكن تحديد هامش خطأ لنتائج الاستطلاعات التي تُجرى على الإنترنت لأنّ عيّناتها لا تُعتبَر عشوائية.
ومن جهتها تقول أندريا غونراج، نائبة رئيسة المؤسسة الكندية للنساء (FCF - CWF)، إنّ نتائج الاستطلاع تعكس ما قيل منذ مطلع الجائحة التي ضربت كندا في آذار (مارس) الفائت، وهو أنّ النساء يشعرن منذ ذاك الحين بقلق أكبر مما يشعر به الرجال إزاء الجائحة، إذ بدأن يتحملن واجبات إضافية متصلة بالاهتمام بالأطفال كما بالأهل المسنين، وأنهن أخذن يفقدن وظائفهنّ بشكل أسرع من الرجال.
وهناك عامل آخر برز خلال الجائحة ويطال النساء بشكل رئيسي، وهو ازدياد أعمال العنف القائم على أساس الجندر، تضيف غونراج.

شابة كندية سوداء طبعت على وجنتها علم بلادها الذي تتوسطه ورقة القيقب (هيئة الإذاعة الكندية)
وفي ما يتعلق بالقادمين الجدد وبعض الجاليات العرقية يظهر تحليل لنتائج ستة استطلاعات أجرتها "ليجيه" أنّ 25% من الأشخاص المقيمين في كندا منذ أقلّ من خمس سنوات قالوا إنّ صحتهم النفسية سيئة أو سيئة جداً، مقارنةً بـ19% في أوساط المستطلَعين المولودين في كندا.
وبلغت هذه النسبة 27% لدى المُستطلَعين الذين قالوا إنهم من أصول جنوب آسيوية و20% لدى الذين قالوا إنهم من ذوي البشرة السوداء و18% في أوساط الذين قالوا إنهم من أصول صينية.
وتقول عائشة آدو من منظمة "باور تو غيرلز" (Power to Girls) في تورونتو إنّه حتى قبل حلول الجائحة كانت الأقليات العرقية تعاني نقصاً في الموارد في مجال الصحة النفسية، وإنّ الوضع بات أسوأ في ظلّ الجائحة.
فالكثيرون من أفراد الجاليات العرقية كانوا يعتمدون على أشخاص في محيطهم الجاليوي للحصول على دعم نفسي، لكنّ التواصل بين الناس لم يعد متاحاً في ظلّ الإجراءات الوقائية التي فرضتها السلطات للحدّ من انتشار الجائحة، تشرح آدو التي تنشط منظمتها غير الحكومية في مجال تمكين الفتيات السوداوات والمهمّشات، كما يفيد الموقع الإلكتروني للمنظمة.

فرضت جائحة "كوفيد - 19" العمل والدراسة عن بُعد على نطاق واسع (Bernadett Szabo / Reuters)
وتَوفُّر الموارد الأُخرى هو أيضاً أمرٌ صعب للفئات المهمّشة، لاسيما للأُسر التي لديها أولاد يتابعون الدراسة عن بُعد من المنزل وقد لا يتوفّر لكلّ العائلة فيه أكثر من حاسوب واحد، تذكّر آدو.
وشملت هذه الاستطلاعات الستة معاً أكثر من 9000 شخص وأجرتها "ليجيه" بين 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2020 و3 كانون الثاني (يناير) 2021 على الإنترنت، وبالتالي لا يمكن تحديد أي هامش خطأ لها هي الأُخرى.
(وكالة الصحافة الكندية / راديو كندا الدولي)
روابط ذات صلة:
أفكار انتحارية تراود واحداً من كلّ عشرة كنديين في ظلّ الموجة الثانية من الجائحة
"كوفيد – 19": رُبع الكنديين يشعرون بمزيد من الضغط النفسي مقارنةً بالربيع
"كوفيد - 19": لا عودة للزمن الجميل قبل أشهر عدة، إن لم يكن أكثر
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.