تعتزم الحكومة الكنديّة تعزيز اللغة الفرنسيّة وتطوير مجموعات ذات كثافة عالية من المتحدّثين بها في مختلف أنحاء البلاد.
ويواجه رئيس الحكومة جوستان ترودو تحدّيات لحماية اللغة الفرنسيّة، إحدى اللغتين الرسميّتين في البلاد إلى جانب الإنجليزيّة، كما قالت ثريّا مارتينيز عضوة مجلس العموم الكندي والسكرتيرة البرلمانيّة لِوزير الهجرة ماركو منديتشينو، في حديث إلى راديو كندا، القسم الفرنسيّ في هيئة الإذاعة الكنديّة.
وسبق أن أعلنت ميلاني جولي وزيرة اللغتين الرسميّتين في الحكومة الفدراليّة، في شباط فبراير الماضي، أنّ الحكومة عازمة على تقديم مشروع قانون يهدف لإصلاح قانون اللغتين الرسميّتين في كندا.
وأقرّ البرلمان الكندي عام 1969 قانون اللغتين الرسميّتين، الذي نصّ على أنّ الفرنسيّة والإنجليزيّة هما اللغتان الرسميّتان للحكومة، ولُغتا الخدمات التي تقدّمها للمواطنين في كافّة أنحاء البلاد.
وتمّت مراجعة القانون عام 1988، وأعلنت حكومة جوستان ترودو الليبراليّة العام الماضي عزمها على مراجعته.

ثريّا مارتينيز عضوة مجلس العموم الكندي عن الحزب الليبرالي /Ivanoh Demers/ Radio-Canada
ودعا ريمون تيبيرج مفوّض اللغتين الرسميّتين في تقريره عام 2019 حكومة جوستان ترودو إلى وضع مشروع قانون لتحديث قانون اللغتين الرسميّتين بحلول العام 2021.
كما أعرب رينيه كورمييه، عضو مجلس الشيوخ الكندي الصيف الماضي، عن خيبة أمله لما وصفه بطء الحكومة الكنديّة في مراجعة قانون اللغتين الرسميّتين.
وتقول النائبة ثريّا مارتينيز إنّ 9 ملايين كندي هم ناطقون بالفرنسيّة من أصل 38 مليون كندي، والثقَل الديمغرافي الفرنكفوني قضيّة مهمّة، وتعتبر أنّ على الحكومة أن تبذل جهدا أكبر من أجل حماية اللغة الفرنسيّة.
"المجتمع الفرنكفوني في أميركا الشماليّة هو فعلا في خطر. وينبغي من دون أدنى شكّ وضع خطّة تضمن هجرة فرنكفونيّة على نحو أفضل وهجرة فرنكفونيّة مستهدَفة. ولا يمكن أن نبقى بلدا ثنائيّ اللغة، فيه لغتان رسميّتان، في حال تراجعت اللغة الفرنسيّة": ثريّا مارتينيز النائبة الليبراليّة في مجلس العموم الكندي.
ويشكّل الكنديّون الناطقون بالفرنسيّة خارج مقاطعة كيبيك أقلّ من 3،8 بالمئة من مجموع سكّان كندا حسب الإحصاء السكّاني الأخير الذي جرى عام 2016.

تعهّد رئيس الحكومة الكنديّة جوستان ترودو بتقديم مشروع قانون لإصلاح قانون اللغتين الرسميّتين في البلاد/Justin Tang/CP
وتأمل الحكومة الليبراليّة في زيادة هذه النسبة إلى 4،4 بالمئة، ويكمن الحلّ حسب النائبة مارتينيز في تعليم اللغة الفرنسيّة للمهاجرين.
وتسعى كندا للتركيز على مجموعات محدّدة، من بينها أساتذة اللغة الفرنسيّة في دول أوروبا وأفريقيا، وليس هناك في الوقت الراهن عدد كاف من الأساتذة والتلاميذ كما قالت ثريّا مارتينيز.
وتؤكّد عضوة مجلس العموم على ضرورة استقدام عاملين فرنكفونيّين للقيام بتعليم اللغة الفرنسيّة للمجموعات الموجودة في كندا.
كما تشير إلى مجموعة من الاقتراحات الأخرى التي يجري البحث بها، من بينها إقامة معارض توظيف تروّج للهجرة في بريتيش كولومبيا و ألبرتا وأونتاريو.
وتصبح معرفة اللغة الفرنسيّة ورقة مهمّة من أجل الحصول على الإقامة الدائمة في مقاطعة كيبيك من خلال المقاطعات الأخرى كما قالت النائبة ثريّا مارتينيز.
وتراهن الحكومة الكنديّة أيضا على مشروع تجريبي بالتعاون مع البلديّات يستهدف احتياجات محدّدة تؤدّي إلى مجتمعات تتضمّن كثافة عالية من الفرنكفونيّين.
"تريد أن تكون هناك هجرة فرنكفونيّة، وتريد أن تتأكّد أنّ الحيويّة الفرنكفونيّة سوف تستمرّ. وينبغي أن يصل الفرنكفونيّ إلى مجتمع قائم هنا ليتمكّن من الاندماج بالفرنسيّة على نحو جيّد": ثريّا مارتينيز عضوة مجلس العموم الكندي عن الحزب الليبرالي.

ميلاني جولي وزيرة اللغتين الرسميّتين توقّعت تقديم مشروع قانون لإصلاح قانون اللغتين الرسميّتين أواخر العام 2021/Justin Tang/CP
وتنصبّ جهود الحكومة الكنديّة على تعزيز اللغة الفرنسيّة في المقاطعات الكنديّة غير مقاطعة كيبيك التي يربطها اتّفاق مع أوتاوا في مجال الهجرة منذ 3 عقود.
ويشار في هذا السياق إلى أنّ الحكومة الفدراليّة هي التي تمنح طالبي الهجرة تأشيرات الإقامة الدائمة في كلّ المقاطعات والأقاليم باستثناء كيبيك.
وتمنح الحكومة الكيبيكيّة طالب الهجرة شهادة الاختيار الكيبيكيّة CSQ، التي تضمن له الحصول على الإقامة الدائمة.
وفي حين تخطّط الحكومة الكنديّة لِزيادة عدد المهاجرين الواصلين إلى كندا، قرّرت حكومة حزب التضامن من أجل مستقبل كيبيك (الكاك) برئاسة فرانسوا لوغو، تقليص عدد المهاجرين الذين تستقبلهم المقاطعة.
وتوقّعت أن تستقبل ما بين 25600 و 35500 مهاجر في العام 2020، أي أقلّ ممّا أعلنته في خطّتها عام 2018.
وتقول النائبة ثريّا مارتينيز إنّ كيبيك سَتصبح المقاطعة التي تضمّ أكبر عدد من المسنّين في أميركا الشماليّة وكندا.
وتتوقّع أن يزداد التحدّي الديمغرافيّ الفرنكفونيّ أهميّة في كيبيك، المقاطعة الوحيدة ذات الغالبيّة الناطقة بالفرنسيّة في كندا.
و تشير إلى أنّ انفتاح كيبيك على منح المزيد من طالبي الهجرة تأشيرات الإقامة الدائمة، يقابله التزام بمستويات الهجرة التي حدّدتها المقاطعة.
وتقول ثريّا مارتينيز إنّها وصلت من التشيلي إلى كيبيك وهي في الثامنة من عمرها مع والدتها، هربا من حكم الجنرال بينوشيه، وتابعت دروسا في اللغة الفرنسيّة.
وتتفهّم ثريّا مارتينيز مخاوف كيبيك من الهجرة غير الفرنكفونيّة، وتتحدّث عمّا تسمّيه "خوف على الهويّة لأنّ كيبيك أمّة فرنكفونيّة حافظت على استمراريّتها ولغتها وثقافتها" كما قالت مارتينيز في حديثها إلى راديو كندا.
وينبغي حسب قولها تفهّم هذه المخاوف من وجهة نظر المهاجرين، والتحاور بشأنها، "لنفهم أنّ الهجرة هي مفتاح استمراريّة الفرنكفونيّة والبلد والأمّة الفرنكفونيّة".
وتسعى حكومة كيبيك لأن يكون برنامج العمّال الأجانب الذي هو من صلاحيّة الحكومة الكنديّة تحت إدارتها، لكنّ اوتاوا أقفلت باب نقل الصلاحيّات في هذا المجال كما قالت ثريّا مارتينيز.
و أشارت إلى تسهيلات أدخلتها أوتاوا على صعيد إدارة البرنامج المذكور، كي يكون سهلا وجذّابا، وتوقّعت أن تلقى التسهيلات تلك الارتياح في كيبيك.
وإزاء إرشادات الوقاية الصارمة التي حتّمتها جائحة كوفيد-19، اتّخذت الحكومة الكنديّة عددا من الإجراءات، وسمحت للعمّال الأجانب بتغيير عملهم بسهولة أكبر من السابق.
و العديد من الإجراءات المتّخذة مرشّحة للاستمرار، وتُجري الحكومة مراجعة للتداعيات على سوق العمل كما تقول ثريّا مارتينيز، مشيرة إلى أنّ 85 بالمئة من العمّال الأجانب تمكّنوا من دخول كندا عام 2020.
(راديو كندا/ راديو كندا الدولي)
روابط ذات صلة:
لأسباب خارجة عن إرادتنا ، ولفترة غير محددة ، أُغلقت خانة التعليقات. وتظل شبكاتنا الاجتماعية مفتوحة لتعليقاتكم.