سكان كندا الاصليون: قبائل الغرب غنيّة بتنوعها الثقافي

29/05/2017
اعداد مي أبو صعب
  • pow-wow-autochtones_sn635

يوم وصل المستكشفون الاوروبيون إلى شمال القارة الأميركيّة في مطلع القرن السادس عشر وجدوا فيها شعوبا وقبائل تختلف عنهم بعاداتها وتقاليدها ولغاتها وطرق عيشها.

وقد وصلت الدفعات الأولى من المستكشفين ما بين عامي 1500 و1550 لتليها دفعات أخرى راحت تتوسّع في استكشاف مناطق الشمال الأميركي وتجد فيها المزيد من الشعوب والقبائل.

وتوغّل المستكشفون بعد عناء ما بين العامين 1700 و1750  باتجاه الغرب الكندي وحطّوا رحالهم في وسط الغرب الكندي الشاسع، المميّز بطبيعته الجغرافيّة المتوحّشة وطقسه الشديد البرودة.

Indiens2
© PC/DARRYL DYCK

وواصلوا تقدّمهم نحو منطقة الجبال الصخريّة قاصدين منطقة بحر الغرب التي كانت تضم مجموعات من قبائل السكان الأصليين.

الصحافي في راديو كندا الدولي ريمون ديمارتو يلقي الضوء على هذه الحقبة التي بدأت في العام 1750 في مقابلة أجراها مع عالم الأنثروبولوجيا والصحافي سيرج بوشار الذي يقول إن استكشاف الغرب هو بمثابة الفصل الأخير في رحلات المستكشفين ويضيف:

تجارة الفراء كانت وراء توجّه المستكشفين نحو الغرب الكندي المطل على المحيط الهادي.

والرغبة في اكتشاف أراض جديدة للتجارة دفعت بالأميركيين والكنديين الإنكليز نحو هذه المنطقة.

وكانت كندا قد أصبحت في العام 1760 مستعمرة بريطانيّة . وأسس البريطانيون شركة هدسون باي التي كانت شركة بريطانيّة تنشط في الشمال الأميركي وطبعت تجارة الفراء فيه. ويضيف الصحافي المخضرم في راديو كندا سيرج بوشار قائلا:

كل ما نسمعه من قصص عن تجارة الفراء وعن الحوافز وراء الرغبة في التبادل يعود إلى رغبة الاتجار بالفراء لما تدرّه من ارباح بالنسبة للبريطانيين في لندن.  بالمقابل، استفاد السكان الأصليون من التبادل التجاري للحصول على سلع اوروبيّة من بينها المعادن وأيضا بعض أنواع الحبوب والسلع الاستهلاكيّة التي ستصبح أساسيّة بالنسبة لهم كالشاي والدقيق على سبيل المثال.

وكانت شركة هدسون باي البريطانيّة في كندا وشركة الفراء الأميركيّة في الولايات المتحدة وراء هذا التوغل باتجاه الغرب يقول سيرج بوشار. ويشير إلى منحى لدى الأميركيين لتأليف الأساطير ويتابع شارحا:

لم يكتف الأميركيون بتجارة الفراء بل قاموا برحلة استكشافيّة باتجاه الغرب في العام 1804 . وبدا أن رحلة  لويس و كلارك كانت أسطوريّة رغم تأكيد الرئيس الأميركي في حينه بأنها رحلة مهمّة وأن الولايات المتحدة ستقوم بأمركة كل المنطقة الواقعة على سواحل المحيط الهادي.

والكنديون لم يقوموا برحلات من هذا القبيل واكتفوا بتجارة الفراء.

Indien
© ايستوك

ودخلت شركة هدسون باي المنطقة من شمال مقاطعة برتيش كولومبيا.

وكانت الرحلة قد انطلقت من مقاطعة البرتا واجتازت منطقة الجبال الصخريّة المسمّاة الروكيز. ولكن شركة هدسون باي لم تستقر في مدينة فانكوفر الكنديّة بل تابعت حتى ولاية اوريغون الأميركيّة.

ويوضح بوشار أن الحدود الجغرافيّة لم تكن واضحة في تلك الفترة وولاية واشنطن لم تكن موجودة بعد بل كانت تشملها ولاية اوريغون الكبرى ويضيف:

التقى تجار شركة هدسون باي والأميركيون عند سفح جبل سانت هيلين ووجدوا في المنطقة مجموعات من القبائل والشعوب موزعة من شمال كاليفورنيا حتى ألاسكا  واكتشفوا أغنى تجمّع للتعددية الثقافيّة حول العالم.

وكان أبناء هذه القبائل مستقلّين و يتمتّعون بالحكم الذاتي وكانت لهم لغاتهم الفريدة من نوعها والتي أثارت اهتمام علماء الانثروبولوجيا وعلماء اللغويات.

ويعدّد سيرج بوشار أسماء بعض هذه القبائل ويشر إلى أن ثمة منها قبائل  انقرضت وأخرى ما زالت موجودة. والمناهج التعليميّة في كندا لا تدرج تاريخ هذه القبائل في برامجها ولا يدرسها التلاميذ الكنديون. ولكنه تاريخ غني وحافل كما يقول سيرج بوشار الذي يضيف:

Totem1

ثقافة السكان الأصليين كانت تفاخريّة واحتفاليّة. وكانت مليئة بالرموز التمثيليّة لأنهم كانوا بارعين في فن النجارة. وظهر فنّهم جليّا في بناء السفن التي كانوا ينحتونها من كل جوانبها.

وبرعوا في فن الرسم وكانت الفنون بالإجمال جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليوميّة.

ويشير بوشار إلى حقبة غير مشرقة من التاريخ بنظر السكان الأصليين الذين تعرّضوا للقتل وللاحتقار من قبل الأميركيين وايضا وبصورة اقل حدّة ربما من قبل الكنديين.

ويختم عالم الانثروبولوجيا والصحافي في راديو كندا سيرج بوشار مؤكدا على أهمية التنوع الثقافي الذي يميّز السكان الأصليين من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، وهو تنوّع عاشته كندا دون أن يكون جزءا من تاريخها ومن الهويّة الكنديّة.

 

حول

بدأت العمل في القسم العربي منذ العام 1991
حائزة على إجازة في الفلسفة من الجامعة اللبنانية في بيروت
مارست التدريس في لبنان من العام 1997 إلى العام 1990

اترك تعليق