موقع “كوخ العم توم” التاريخي قائم على بعد حوالي ثلاث ساعات غربي مدينة تورونتو تخليدا لذكرى العبد الأسود الشهير “جوسيا هنسون” الذي عاش ما بين العامين 1796 و1883.

وقصة هذا العبد الفريدة منتشرة عالميا لمجموعة من الأسباب وقد استوحتها الروائية الأميركية هارييت بيشر ستو لكتابة روايتها الشهيرة “كوخ العم توم” التي نشرتها عام 1852 وشكلت أحد أسباب اندلاع الحرب الأهلية الأميركية. وتدور الرواية حول التنديد بالعبودية ومكافحتها عبر وصف مثير للمشاعر لما عاناه جوسيا هنسون من العبودية ونشاطه في إطار الحركات الداعية إلى إلغاء العبودية في كندا.

وشخصية جوسيا هنسون أثرت في الناس ليس فقط بسبب شجاعته وتصميمه للعيش بكرامة، إنما أيضا لصفات إنسانية كبيرة تمتع بها كالذكاء والعمل الدؤوب والولاء.

وكان هذا العبد الأسود الذي كرس حياته للدفاع عن أبناء جلدته السود هرب إلى كندا مع والدته في عز مرحلة الاستعباد في أميركا هربا من سيده القاسي والمجرد من الرحمة وقصد جنوب غرب أونتاريو حيث استقر وترك بصماته الكثيرة.

ودخل جوسوا السلك الكهنوتي فأصبح كاهنا في الكنيسة الأسقفية الميثودية وكرس حياته لدعم حركة التحرر عبر ما عرف يومها “بسكة الحديد السرية” التي كانت تساعد العبيد السود على الهروب من جنوب الولايات المتحدة إلى كندا.

ساهم جوسيا هنسون في تحسين ظروف عيش الجالية السوداء وتأسيس مؤسسة “داون” عام 1841 التي ساعدت السود في تقاسم خبراتهم وطاقاتهم وأعمالهم لمساعدة بعضهم البعض ومساعدة القادمين الجدد الهاربين من العبودية بدعم من الكنيسة التي تحولت إلى مركز للاجتماعات والتعليم والتربية والعمل الاجتماعي للسود. وساعد الجالية السوداء على زراعة القمح والذرى والتبغ.

كما شارك هنسون في تأسيس المعهد البريطاني الأميركي عام 1842، أول المعاهد التأهيلية في كند.

نشر هنسون مذكراته عام 1849 تحت عنوان: “حياة جوسيا هنسون ، العبد السابق، والمقيم حاليا في كندا كما يسردها هو بقلمه”. ومنها استوحت هارييت ستو روايتها “كوخ العم سام”.

توفي الأب جوسيا هنسون في الخامس من أيار – مايو عام 1883 ودفن بالقرب من كوخ العم سام.

يبقى أن ثمة مقولة كان يرددها العبيد الأميركيون، وتنطبق بدون شك على مسيرة حياة جوسيا هنسن: ” اتبع نجمة الشمال فهي تقودك إلى الحرية “.