من هي جودي سينغ مغنيّة الجاز الكندية السوداء المنسيّة؟
تعود أصولها إلى جنوب آسيا، المغنية الكندية السوداء جودي سينغ كانت معروفة في أوساط موسيقى الجاز في الخمسينيات من القرن الماضي واستمرت في النشاط الغنائي لعقدين كاملين. فلماذا هي منسية بين بني امتّها في مدينة ادمونتون عاصمة مقاطعة البراري ألبرتا في الغرب الكندي؟
على غرار ما نقول بعاميتنا “ما من نبي مكرّم بين بني أمته”، قد تكون هذه المقولة تنطبق على ابنة ادمونتون.
بعد نجومية حققتها في عالم أغنية الجاز في منتصف القرن الماضي، لا تكاد تذكر أعمال جودي سينغ اليوم في مسقط رأسها ادمونتون.
اكتشفت الباحثة الكندية في مجال المحافظة على التراث بوشالي ميترا، بمحض الصدفة، العام الماضي، إحدى الروائع الغنائية لجودي سينغ على قناة يوتيوب، ومن تلك اللحظة وقعت “بعشق” ريبرتوار المغنية السوداء.
انصبت جهود الباحثة الكندية من أجل تسليط المزيد من الضوء على الأثر الذي تركته النجمة الكندية المنسية.
السؤال بالبنط العريض الذي انكبت على الإجابة عليه هذه الباحثة في التراث الكندي كان على حد تعبيرها:
لماذا انتست جودي سيغ في ادمونتون؟ لماذا لا نملك أي شيء عن جزء هام وفريد في تاريخنا، هذا التاريخ الذي يستحق أن نحتفي به؟
الإجابة على هذه الأسئلة ستنشرها الباحثة الكندية بعد مضي وقت قصير في مقالة نشرها مركز التراث في ادمونتون، تسرد فيها فصولا في حياة النجمة الكندية الراحلة.
يسلط المقال الضوء على مسيرة جودي سينغ وتعاونها مع السيناتور الكندي الراحل عازف البيانو الشهير من ألبرتا تومي بانكز، كذلك مشاركتها في الغناء مع نجمة موسيقى الـ Soul الأميركية ميني ريبرتون.
وكلما تقدّمت بوشالي ميترا في أبحاثها كلما اكتشفت جوانب أخرى في حياة الفنانة السمراء التي تتحدر من أصول جنوب-آسيوية.
تجدر الإشارة إلى أن الباحثة في التراث الكندي كانت مفتونة بتاريخ مجتمع الأشخاص المتحدرين من أصل جنوب آسيوي في مدينة ادمنتون، منذ انتقالها للعيش هناك قادمة من الهند في العام 2011.
بدأت ميترا أبحاثها وكتاباتها عن رجل يدعى سوهان سينغ بهولار، الذي كان من أوائل المهاجرين السيخ الذين استوطنوا في ألبرتا في أوائل القرن العشرين الماضي. وقد أطلق اسمه على إحدى الحدائق في حي “ميل وودز” في إدمنتون.
سوهان سينغ بهولار كان والد جودي سينغ.
أما والدة جودي سينغ وتدعى أيفّي جونز، فكانت في عداد العائلات السوداء الأولى التي استقرت في منطقة أثابكسا، الواقعة شمال مدينة ادمنتون، قبل أكثر من 100 عام.
“هذه العائلة ليست سوى قمة جبل الجليد”، على حد تعبير الباحثة الكندية، عندما يتعلق الأمر بتاريخ مجتمعات السود وجنوب آسيا في ألبرتا في ذلك الوقت.
إنها قصة رائعة عن مقاطعة ألبرتا في العشرينيات من القرن الماضي، عندما اجتمعت الفئات المهمّشة مع بعضها البعض وعاشت في وئام. في ذلك الوقت كان الانسجام والتعايش عنوانا بين الكنديين من أبناء جنوب آسيا وبين الكنديين السود.
احترام الوسط الموسيقي لجودي سينغ
استطاعت الباحثة في التراث الكندي، التي تعيش في ادمنتون، أن تلتقي ابنة المغنية وتدعى إميلي هاغز. وقد لمست منها مدى الاحترام لجودي سينغ من قبل أقرانها في عالم الموسيقى.
تميّزت مغنية الجاز الكندية السوداء بأداء ما يسمى بالـ SCAT، وهي تقنية صوتية مرتجلة لموسيقى الجاز يصعب اتقانها.
تعترف الابنة بأن والدتها قد لا تكون شهدت نجاحا فنيا باهرا في حياتها. ولكنها معروفة جدا في أوساط عشاق موسيقى الجاز وتملك صيتا بأنها إحدى أفضل المغنيات في الغرب الكندي.
وفقا لإيميلي هاغز، كان على والدتها التغلّب على الكثير من التحديات لكونها إمرأة سوداء وأم عزباء، انجذبت إلى إحدى الأنواع الموسيقية التي لم تكن شائعة في مجتمعها في ذلك الوقت.
تعيش جودي سينغ اليوم حياة هادئة وهانئة في مدينة فيكتوريا عاصمة مقاطعة بريتش كولومبيا في أقصى الغرب الكندي.
أما عن الباحثة الكندية فهي أصبحت اليوم من أشد المعجبين بالنجمة السوداء وتسعى من أجل أن تتذكرها الأجيال القادمة في مدينتها ادمنتون.
تتساءل بوشالي ميترا:
إذا كنا نتذكر تومي بانكز ونتذكر جوني ميتشيل كفنانين من مقاطعة البراري ألبرتا، لا أفهم لما لا نتذكر بالقدرِ ذاته الفنانة السوداء جودي سينغ؟
(المصدر:هيئة الإذاعة الكندية، الموسوعة الكندية)
روابط ذات صلة:
في “شهر تاريخ السود” التفاتة لإرث عظيم في الجاز خلّده الكندي أوسكار بيترسون
فنان كاميروني الأصل يطلق مهرجاناً للفنون في أوتاوا بمناسبة شهر تاريخ السود